وسنّة الصحابة ، وتلقّي الأخيرة حجّة شرعية وإن لم تُسند إلى المصدرين الرئيسيين. وهذه كتب الحديث والفقه تطفح بسنّة الصحابة ؛ فهناك سنن تُنسب إلى الخليفة الأوّل والثاني والثالث ، فما معنى هذه السنن إذا لم تستند إلى الكتاب والسنّة؟! ولو أُسندت فلا معنى لإضافتها إليهم. كما أنّ الإفتاء بمضمون تلك السنن بدعة في الشريعة.
وهناك كلام للدكتور عزّت علي عطية ، جعل فيه الاقتداء بأئمة أهل البيت تسليماً لغير المعصوم ثمّ قال : نتساءل عن الصلة بين هذا الإمام وبين الله جلّ جلاله ، هل هي وحي ، أم إلهام أم حلول؟ إن كانت وحياً فقد نفوه ، وإن كانت حلولاً فهو الكفر بعينه ، وإن كانت إلهاماً فما الذي يفرق بينه وبين وساوس الشيطان وخطرات النفوس (١).
إنّ الدكتور عطية لم يدرس عقائد الإمامية حقّها وإنّما اكتفى بكتاب صغير كتب في بيان العقائد لا في البرهنة عليها ، ولو أنّه رجع إلى علمائهم ومؤلّفاتهم لوقف على أدلّة عصمة الأئمة ، فإنّ أحد تلك الأدلّة هو حديث الثقلين الذي أطبق المحدّثون على نقله ، وهو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما». فإن كانت العترة عدلاً للكتاب وقريناً له فتوصف بوصفه ، فالكتاب معصوم عن الخطأ (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (٢) فتكون العترة مثله.
وأمّا مصدر علومهم ؛ فغالب علومهم مأخوذ من الكتاب والسنّة إذ أخذ عليّعليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وأخذ الحسن عليهالسلام عن أبيه ، وهكذا كل إمام يأخذ عن أبيه ، علم يتناقل ضمن هذه السلسلة الطاهرة المعروفة ، ولم يأخذ أحد منهم عليهمالسلام عن
__________________
(١) البدعة : ٢٤٥.
(٢) فصلت : ٤٢.