«أبداً» ، بل المراد من الصلاة في الآية مطلق الدعاء والترحّم سواء أكان عند الدفن أم غيره.
فإن قال قائل : إنّ لفظة «أبداً» تأكيد للاستغراق الأفرادي لا الزماني.
فالجواب بوجهين :
١ ـ أنّ لفظة «أحد» أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح ؛ فلا حاجة للتأكيد.
٢ ـ أنّ لفظة «أبداً» تستعمل في اللّغة العربية للاستغراق الزماني ، كما في قوله تعالى : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) (١).
فالنتيجة أنّ المقصود هو النهي عن الترحّم على المنافق وعن الاستغفار له ، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.
الثانية : (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ).
إنّ مفهوم هذه الجملة ـ مع الانتباه إلى أنّها معطوفة على الجملة السابقة ـ هو : «لا تَقُم على قبر أحدٍ منهم مات أبداً» لأنّ كلّ ما ثبت للمعطوف عليه من القيد ـ أعني «أبداً» ـ يثبت للمعطوف أيضاً ، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأنّ المقصود من القيام على القبر هو وقت الدفن فقط ؛ لأنّ المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن ، كما كان بالنسبة للصلاة ، ولفظة «أبداً» المقدّرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل ، فهذا يدلّ على أنّ القيام على القبر لا يختصّ بوقت الدفن.
وإن قال قائل : إنّ لفظة «أبداً» المقدّرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الأفرادي.
قلنا : قد سبق الجواب عليه ، وأنّ لفظة «أحد» للاستغراق الأفرادي ، لا لفظة
__________________
(١) الأحزاب : ٥٣.