هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط ، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ، ويستحب للمؤمن ، أو المعنى أعمّ من وقت الدفن وغيره؟
إنّ بعض المفسّرين وإن خصّوا القيامَ نفياً وإثباتاً بوقت الدفن ، لكن البعض الآخر فسّروه في كلا المجالين بالأعمّ من وقت الدفن وغيره.
قال السيوطي في تفسيره : ولا تَقم على قبره لدفن أو زيارة (١).
وقال الآلوسي البغدادي : ويفهم من كلام بعضهم أنّ «على» بمعنى «عند» والمراد : لا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة (٢).
وقال الشيخ إسماعيل حقّي البروسوي : (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء (٣).
إلى غير ذلك من المفسّرين ، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره (٤).
والحقّ مع من أخذ بإطلاق الآية وإليك توضيحه :
إنّ الآية ؛ تتألّف من جملتين :
الأُولى : قوله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ).
إنّ لفظة «أحد» بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لجميع الأفراد ، ولفظة «أبداً» تفيد الاستغراق الزمني ، فيكون معناها : لا تصلّ على أحد من المنافقين في أيّ وقت كان.
فمع الانتباه إلى هذين اللَّفظين نعرف ـ بوضوح ـ أنّ المراد من النهي عن الصلاة على الميّت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط ؛ لأنّها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعدّدة ، ولو أُريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة
__________________
(١) تفسير الجلالين : سورة التوبة في تفسيره الآية.
(٢) روح المعاني ١٠ : ١٥٥.
(٣) روح البيان ٣ : ٣٧٨.
(٤) أنوار التنزيل ١ : ٤١٦ ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت.