أحكامه ، وهو أقرب شيء إلى ما يعبّر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفيّته (١).
إنّ الاسترشاد بروح القانون الّذي أشار إليه أحمد أمين أمر ، ونبذ النصّ والعمل بالرأي أمر آخر ، ولكن الطائفة الثانية كانوا ينبذون النصّ ويعملون بالرأي ، وما روي عن الخليفة في هذه المسألة ، من هذا القبيل. وإن كنت في ريب من ذلك فنحن نتلو عليك ما وقفنا عليه :
١ ـ روى مسلم عن ابن عباس ، قال : كان الطلاق على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوآله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر : طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب: إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم(٢).
٢ ـ وروي عن ابن طاوس عن أبيه : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم انّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر؟ فقال : نعم (٣).
٣ ـ وروى أيضاً : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبي بكر واحدة؟ قال : قد كان ذلك فلمّا كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم (٤).
٤ ـ روى البيهقي ، قال : كان أبو الصهباء كثير السؤال لابن عباس ، قال : أما علمت أنّ الرجل كان إذا طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها ، جعلوها واحدة على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله وأبي بكر رضى الله عنه وصدراً من إمارة عمر رضى الله عنه فلمّا رأى الناس قد
__________________
(١) فجر الإسلام : ٢٣٨ ، نشر دار الكتاب.
(٢) و (٣) و (٤) مسلم ، الصحيح ٤ باب طلاق الثلاث ، الحديث ١ و ٢ و ٣. وهناتك يعني أخبارك وأُمورك المستغربة.