٦ ـ قال البيضاوي : العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلّل ، ومنه الطريق المعبّد ؛ أي مذلّل ، وثوب ذو عبدة ، إذا كان في غاية الصفاقة ، ولذلك لا تستعمل إلّا في الخضوع لله تعالى (١).
وسيأتي أنّ تفسير العبادة بغاية الخضوع ربّما يكون تفسيراً بالأخصّ ؛ إذ لا تشترط في صدقها غاية الخضوع ، ولذلك يعدُّ الخضوع المتعارف الذي يقوم به أبناء الدنيا أمام الله سبحانه عبادة ، وإن لم يكن بصورة غاية التعظيم ، وربّما يكون تفسيراً بالأعمّ ؛ فإنّ خضوع العاشق لمعشوقه ربّما يبلغ نهايته ولا يكون عبادة.
٧ ـ وقال القرطبي : (نَعْبُدُ) ، معناه نطيع ، والعبادة : الطاعة والتذلّل ، وطريق معبّد إذا كان مذلّلاً للسالكين (٢).
٨ ـ وقال الرازي : العبادة عبارة عن الفعل الذي يؤتى به لغرض تعظيم الغير ، وهو مأخوذ من قولهم : طريق مُعبَّد (٣).
وإذا قصّرنا النظر في تفسير العبادة ، على هذه التعاريف وقلنا بأنّها تعاريف تامّة جامعة للأفراد ومانعة للأغيار ، لزم رَمي الأنبياء والمرسلين ، والشهداء والصدّيقين بالشرك ، وأنّهم ـ نستعيذ بالله ـ لم يتخلّصوا من مصائد الشرك ، ولزم ألّا يصحّ تسجيل أحد من الناس في قائمة الموحّدين. وذلك لأنّ هذه التعاريف تفسّر العبادة بأنّها :
١ ـ إظهار التذلّل.
٢ ـ إظهار الخضوع.
٣ ـ الطاعة والخشوع والخضوع.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ : ٩.
(٢) جامع أحكام القرآن ١ : ١٤٥.
(٣) مفاتيح الغيب ١ : ٢٤٢ ، في تفسير قوله تعالى : (إيّاكَ نعبدُ).