لأقضي حاجة ، فسمعت هدّة شديدة ، فالتفت فلم أره فقلت : معاشر الناس أين صبيي ، فو اللّات والعزى لئن لم أره لأرمينّ بنفسي من شاهق هذا الجبل.
فقالوا : ما رأينا شيئا.
فقال لي شيخ : لا تبكي أنا أدلّك على من يعلم علمه ، ادخلي على هبل فاطلبي إليه.
قلت : ثكلتك أمك (١) كأنك لم تر ما نزل باللّات والعزى ليلة ميلاده.
قالت : فدخل على هبل وأنا أنظر إليه ، فطاف بهبل أسبوعا ثم رفعت (٢) حاجتي ، فما كان إلّا أن انكب هبل على وجهه وتساقطت الأصنام ، وسمع صوتات (٣) : هلكت الأصنام ومن يعبدها.
فوجهت حليمة إلى أختها جميلة في وجهة ، وصارت نحو مكة ، فإذا بعبد المطلب فلما رآها قال : أهلا وسهلا يا حليمة.
فقصت عليه افتقادها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال عبد المطلب : لا عليك يا حليمة فما محمد بالذي يعرف.
وركب في نفر لطلب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسمع نداء في جو السماء : إن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه.
قال عبد المطلب : ومن لنا به أيها الهاتف؟
قال : هو بوادي تهامة عند شجرة كذا.
فأقبل عبد المطلب وتلقاه ورقة بن نوفل (٤) ، فساروا ، وأقبل أبو مسعود الثقفي وعمرو بن
__________________
(١) نهاية صفحة [٢٠ ـ أ].
(٢) في (أ، ب ، ج) : ثم رفع.
(٣) أي صيحات.
(٤) هو : ورقة بن نوفل بن عبد العزي ، حكيم جاهلي من قريش ، اعتزل الأوثان قبل الإسلام ، وامتنع عن أكل ذبائحهم وتنصر ، وقرأ كتب الأديان ، وأدرك أوائل عصر النبوة ، ولم يدرك الدعوة ، وهو ابن عم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين. انظر : دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ١٢٠ وما بعدها) ، الأعلام للزركلي (٨ / ١١٤ ـ ١١٥) ، الروض الأنف (١ / ١٢٤ ـ ١٢٧ ، ١٥٦ ، ١٥٧) ، البخاري (١ / ٤ ، ٥) ، مسلم (١ / ١٤١ ، ١٤٢) ، الإصابة (ت ٩١٣٣) ، تاريخ الإسلام (١ / ٦٨) ، الأغاني (٣ / ١١٩ ـ ١٢٢) ، خزانة الأدب (٢ / ٣٨ ـ ٤١) ، المعارف (٢٧) ، مجمع الزوائد (٩ / ٤١٦) ، روي عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن ورقة فقال : «يبعث يوم القيامة أمة وحده».