وقد كان رسول الله دعاه عبد المطلب فأجلسه ؛ ثم عرضهم عليه وقال : أي بني إني صائر إلى ما صار إليه الذين كانوا قبلي ، فأي واحد من عمومتك تحب أن يكفلك ، فهؤلاء هم حضور النساء منهم والرجال؟ (١)
فجعل ينظر إليهم في وجوههم حتى أتى أبا طالب فجلس في حجره ، وقال : يا جد لا أحب غيره.
فقال عبد المطلب : سبحان الله ما أردت يا عبد مناف غيرك للذي كان بينك وبين أبيه.
وكان عبد الله وأبو طالب والزبير وأم حكيم وأروى وعاتكة أمهم واحدة فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران من بني مخزوم (٢) وذلك الذي عنى عبد المطلب.
ثم أنشأ يقول (٣) :
أوصيك يا عبد مناف بعدي |
|
بواحد بعد أبيه فرد |
فارقه وهو رضيع المهد |
|
فكنت كالأم له في الوجد (٤) |
تبديه من أحشائها والكبد |
|
حتى إذا تم اقتراب الوعد |
وانطمت أرجاء أولياء الرفد |
|
يا ابن الذي غيبته في اللحد (٥) |
بالكره مني ثمة لا بالعمد |
|
فقال لي والقول ذو مردّ |
ما ابن أخي ما عشت في معد |
|
إلّا كأدنى ولدي في السرد |
إني أرى ذلك باب الرشد |
|
قد علمت علّام أهل العهد (٦) |
__________________
(١) في (ب ، ج ، د) : فهؤلاء هم حضور عمومتك وعماتك النساء منهم والرجال.
(٢) هم بطن من لؤي بن غالب من قريش من العدنانية ، وهم بنو يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النظر بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وقد فضلهم هشام بن عبد الملك الأموي من العطاء ، وهم قوم خالد بن الوليد بن المغيرة. انظر : معجم قبائل العرب (٣ / ١٠٥٨).
(٣) انظر : سيرة ابن إسحاق (١ / ٤٧) ودلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٢٢ ـ ٢٣) ، وعند لفظ : يقول ، نهاية الصفحة [٢٣ ـ أ].
(٤) في (أ، ب ، د) : الود.
(٥) قوله : يا بن الذي غيبته في اللحد ، بدل من قوله : (بواحد بعد أبيه فرد) ، ولعل في الكلام حذف بعد قوله : (وانطمت أرجاء أولياء الرفد) ، تقديره : لما قرب مني الموت وانظم جرانية : إنني الذي هم أولياء الرفد ، أي أجمعت كان وكان وقالوا أو قلت ، فقال يعني أبا طالب ، فحذف جواب حتى للإبهام ولدلالة الكلام فليتأمل ، ولا لبس في ذلك.
(٦) في (ب) : أهل الرشد.