النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونظر إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فقبل ما بين عينيه (١).
فلما انصرفوا قافلين إلى مكة انصرف به أبو طالب ، وقام بأمره كأتم قيام (٢) ، حتى نشأ رسول الله ووقعت الحرب (٣) بين قريش وكنانة وقيس عيلان (٤) بسوق عكاظ (٥) في أخبار وأشعار لهم ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين ظهرانيهم قد عصمه الله ـ تعالى ـ من كل دنس ومن كل شرك (٦).
__________________
(١) انظر : السيرة الحلبية (١ / ١١٧ ـ ١٢٢) ، دلائل النبوة (٢ / ٢٤ ـ ٢٩) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٢٣) ، السيرة النبوية لابن هشام (١ / ١٨٩ ـ ١٩٥) ، الخصائص (١ / ٨٥٩ ، طبقات ابن سعد (١ / ٩٦ ـ ١٠٠) ، دلائل النبوة لأبي نعيم (١٢٥).
(٢) لأبي طالب مواقف نحو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سواء في طفولته صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعدها توضيح بعض تلك المواقف :
أ ـ كان شيخ الأبطح الذي حامى وناصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحدب عليه منذ طفولته ؛ إذ نصره بيده ولسانه وواجه المصاعب ، والمشاق العظيمة في سبيل الدفاع عنه ، والذود عن دينه ورسالته ، بل لقد تخلى حتى عن مكانته في قومه ، وتحول إلى الاتجاه المضاد ، وهو العداء لهم ولسائر أهل بلده.
ب ـ هو الذي وقف الموقف الذي لا يقارن من جبابرة قريش وفراعنتها حينما جاءه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ألقت عليه قريش أشلاء ناقة ، فأخذ السيف وأمر حمزة بأن يأخذ السلاح ويتوجه إلى القوم.
ج ـ كان يتحمل الجوع والفقر والمحاصرة الاقتصادية ، بل هو من بذل أمواله وكل ما لديه في سبيل دين ابن أخيه.
د ـ جاهد بيده ولسانه وبكل ما لديه من إمكانات مادية ومعنوية في سبيل نصرة ابن أخيه ، وما قصة قول النبي : «والله لو وضعوا الشمس ... إلخ» ، إلّا دليلا واضحا ومؤكدا حول ذلك ، انظر : منية الراغب (٧٥) ، السيرة الحلبية (١ / ٢٩١ ، ٢٩٢) ، البحار (١٨ / ٢٠٩) ، الغدير (٧ / ٣٨٨ ، ٣٥٩) ، (٨ / ٣ ـ ٤) ، أبو طالب مؤمن قريش ص (٧٣) ، ثمرات الأوراق (٢٨٥ / ٢٨٦) ، نزهة المجالس (٢ / ١٢٢) ، الجامع لأحكام القرآن (٦ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦) ، تأريخ اليعقوبي (٢ / ٢٤ ـ ٢٥) ، الصحيح من سيرة المصطفى (٣ / ٢١٦ ـ ٢٥٩).
(٣) تلك الحرب هي ما سميت بحرب الفجار ، وقد هاجت تلك الحرب وعمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عشرين سنة. انظر : الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني (١٩ ص / ٧٤ ـ ٨٠) ، طبقات ابن سعد (١ / ١٠١ ـ ١٠٣) ، السيرة الحلبية (١ / ١٢٧ ـ ١٢٩) ، السيرة النبوية لابن هشام (١ / ١٩٥ ـ ١٩٨) ، أما ما قاله أبو طالب من أشعار بعد تلك القصة فقد ساق ذلك ابن إسحاق في كتابه (المبتدأ والمبعث والمغازي) (١ / ٢ / ٥٥ ـ ٥٧).
(٤) كنانة ، وقيس عيلان : فكنانة بن خزيمة ، قبيلة عظيمة من العدنانية ، وهم بنو كنان بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، كانت ديارهم بجهات مكة ، وقد قدمت طائفة منهم مصر سنة (٥٤٥ م) ، وتنقسم إلى عدة بطون منها : قريش عبد مناف بن كنانة ، بنو مالك بن كنان ... إلخ. انظر : معجم قبائل العرب (٣ / ٩٩٦ ـ ٩٩٧) ومصادره. أمّا قيس عيلان : فشعب ينتسب إلى قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، واسم عيلان الناس ، وتشعبت قيس إلى ثلاث بطون : من كعب وعمرو وسعد بنيه الثلاثة وغلب اسم قيس على سائر العدنانية حتى جعل في المثل في مقابل عرب اليمن قاطبة فيقال : قيس ، ويمن ، انظر : معجم قبائل العرب (٣ / ٩٧٢).
(٥) هي : صحراء مستوية لا علم فيها ولا جبل ، كان فيها نصب من الأنصاب التي كانت في الجاهلية ، وهي بأعلى نجد وقريب من عرفات ، وسوق عكاظ قرية كالمدينة جامعة ، لها مزارع ونخيل ومياه كثيرة ، لها سوق في يوم الجمعة ، وكانت عكاظ ومحنة وذو المجاز أسواق لمكة في الجاهلية ، وكانت عكاظ من أعظم أسواق العرب تنزلها قريش وهوازن وغطفان وأسلم والأحابيش وعقيل والمصطلق وطوائف العرب ، وكانت تقوم في النصف من ذي القعدة إلى آخر الشهر. انظر : الروض المعطار (٤١١ ـ ٤١٢) ، معجم ما استعجم (٣ / ٩٥٩) ، معجم البلدان (٤ / ١٤٢).
(٦) انظر : السيرة الحلبية (١ / ١٢٢ ـ ١٢٥) ، دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٣٠ ـ ٤٢) ، الخصائص الكبرى للسيوطي (١ / ٨٨ ـ ٨٩).