فهو أول من حرم الخمر في الجاهلية على نفسه (١).
قال له الملك : فالحارث.
فقال : هو رجل أملك بنفسه.
فدعاه الملك فأجابه ؛ وكانت له وفرة حسنة ، فرأته امرأة الملك فعلقت به ، وراسلته فأجابها يقول :
لا تطمعي فيما لدي فإنني |
|
كرم منادمتي عفيف مئزري |
أسعى لأدرك مجد قوم سادة |
|
عمروا قطين البيت عند المشعر |
فاقني حياءك واعلمي أني امرؤ |
|
آبى بنفسي أن يغير معشري |
أو أن أزنّ بجارتي أو كنتي |
|
أو أن يقال صبا بعرس الحميري |
قال : ثم إن الملك زود عبد المطلب كعكا وجراب وسمة ، فلما ورد منزله خضبته ابنته أميمة (٢) ، فلما نظر إلى سواده أعجب به فهو حيث يقول :
فلو دام لي هذا الخضاب حمدته |
|
وكان بديلا من شباب قد انصرم |
تمليت منه والحياة لذيذة |
|
ولا بد من موت أمامة أو هرم |
__________________
(١) يعتبر عبد المطلب ـ شيبة الحمد ـ مفزع قريش في النوائب وملجأهم في الأمور ، عاش (١٤٠ سنة) وكان أول من حرم على نفسه الخمر في الجاهلية ، وكان مجاب الدعوة ، ويؤثر عنه جاء بأكثرها القرآن الكريم وجاءت السنة بها منها : الوفاء ، وتحريم الخمر ، والزنا وأن لا يطوف بالبيت عريان ، كما كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ، ويحثهم على مكارم الأخلاق ، وينهاهم عن دنيئات الأمور ، وكان يقول : لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه ، وتصيبه عقوبة إلى أن هلك رجل ظلوم من أهل الشام لم تصبه عقوبة ، فقيل له في ذلك ففكر وقال : (والله إن وراء هذه الدار دار يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب المسيء بإساءته) ، ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله سبحانه ، كذا في كلام سبط ابن الجوزي ، السيرة الحلبية (١ / ٤).
(٢) أميمة : وردت في الأصل أمامة وهو تصحيف ، وهي أميمة بنت عبد المطلب ، والدة عبد الله ، وأم المؤمنين زينب وعبيد الله ، أسلمت وهاجرت ، انظر : سير أعلام النبلاء (٢ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤) ، ابن سعد (٨ / ٤٥ ـ ٤٦) ، المعارف (١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٨ ، ١٣٦ ، ٢٣١) ، الإصابة (١٢ / ١٣٨).