سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع ، فلما دخل المسجد نظر إلى أبي جهل جالسا في القوم ، فأقبل نحوه حتى إذا وقف على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة فشجه شجة منكرة ، وقام (١) رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه (٢) ، فأدار القوس (٣) على رءوسهم استخفافا بهم ، ثم أتى إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقرع بابه ، فناداه النبي : من هذا؟
قال : أنا عمك حمزة.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا عم ما تريد ممن لا عم له ، ما تريد ممن لا أم له ، ما تريد ممن لا أب له ، ما تريد ممن لا ناصر له من قومه».
فدمعت عينا حمزة وقال : افتح يا بن أخي فما أتيتك حتى انتصرت لك ممن ظلمك.
فخرج إليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «يا عم إنه لن يقبل منك ذلك إلا أن تقول : لا إله الا الله محمد رسول الله».
قال : فاتل عليّ شيئا مما أوحي إليك.
فتلا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه آيات من سورة (الملك).
قال حمزة : يا ابن أخي هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين ، ثم قال زدني.
فتلا عليه : (حم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) [غافر : ١ ، ٢ ، ٣].
فقال حمزة : حسبك يا ابن أخي ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنك محمدا عبده ورسوله ، وتم عليهالسلام على إسلامه.
__________________
(١) نهاية الصفحة [٦٦ ـ أ].
(٢) في سيرة ابن هشام : (لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا) ، وإلى هنا أكمل ابن هشام قصة إسلام حمزة (١ / ٣١١ ـ ٣١٢) ، ابن إسحاق (١٥٠ ـ ١٥٣) ، وانظر ذخائر العقبى ص (١٧٣ ـ ١٧٤).
(٣) في (ج) قوسه.