رحله فوضعه في بيته ، ونزل عنده رسول الله وسأل عن المربد ، فقال معاذ بن عفراء : (١) يا رسول الله هو لسهل وسهيل ابني عمرو (٢) يتيمين وسأرضيهما منه ، فاتخذه مسجدا.
قال ابن إسحاق (٣) : إن رسول الله كان يعمل بنفسه ليرغب المسلمين في العمل ، وكان عثمان بن عفان من أبطأ أصحابه فيه عملا (٤) ، فقال علي عليهالسلام :
لا يستوي من يعمر المساجدا |
|
يدأب فيها قائما وقاعدا |
ومن يرى من الغبار حائدا (٥) |
فأخذها عمار بن ياسر يرتجز بها.
فقال عثمان : قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية ، والله إني لأرى عرض هذه العصا لأنفك ، فغضب رسول الله وقال : «ما لهم ولعمّار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي» (٦).
__________________
(١) هو معاذ بن عفراء ، وعفراء أمه ، وأبوه هو الحارث بن رفاعة من بني مالك بن النجار له صحبة ، توفي أيام على بن أبي طالب عليهالسلام ، روى شعبة عن سعد بن إبراهيم عن ابن ابنة نصر بن عبد الرحمن عنه. انظر : الجرح (٨ / ٢٤٥ ت ١١١٢) ، تهذيب التهذيب.
(٢) هما سهل وسهيل ابني عمرو الأنصاري النجاري صاحب المربد الذي بنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسجده ، انظر : أسد الغابة لابن الأثير بتصحيح الشيخ عادل الرفاع ط (١) ١٤١٧ ه دار إحياء التراث العربي (٢ / ٥٥١ ، ٥٥٦) ترجمة (٢٣٠٥ ، ٢٣٢٥).
(٣) في (أ، ب ، ج) : قال أبو العباس عن عثمان بن محمد الحرشي.
(٤) ما قاله ابن إسحاق أشار إليه السهيلي أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي المتوفى سنة (٥٨١ ه) في كتابه «الروض الأنف» ، وقال : «وقد سمى ابن إسحاق الرجل وكره ابن همام أن يسميه كيلا يذكر أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكروه ، فلا ينبغي أبدا البحث عن اسمه» ، وقال أبو ذر : «وقد سمى ابن إسحاق الرجل فقال : إن هذا الرجل هو عثمان بن عفان رضي الله عنه» ، السيرة النبوية لابن هشام (٢ / ١٤٢).
(٥) في سيرة ابن هشام :
لا يستوي من يعمر المساجدا |
|
يدأب فيه قائما وقاعدا |
ومن يرى عن الغبار حائدا |
والأبيات التي أشار إليها المؤلف هي الأبيات التي أشار إليها مؤلف السيرة الحلبية مع اختلاف في الشطر الأخير ؛ إذ أورده هكذا : يرى عن الغبار حائدا ، السيرة الحلبية (٢ / ٧١) ، السيرة النبوية لابن هشام (٢ / ١٤٢).
(٦) وفي رواية : «ما لهم ولعمار! يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار ، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي» ، انظر سيرة ابن هشام (٢ / ١٤٣). والحديث أخرجه. الذهبي في سير أعلام النبلاء (١ / ٤١٥) بلفظ مقارب ، وفي عمار وردت أحاديث كثيرة ، راجع مصادر ترجمته.