فقال : «اغربن عني يا صويحبات يوسف» ، فلما رجع بلال ولم يقم رسول الله بعثته عائشة بنت أبي بكر فقالت : يا بلال مر أبا بكر فليصل بالناس ، ووجد رسول الله خفّة فقام فتمسح وتوضأ ، وخرج معه علي والفضل بن عباس وقد أقيمت الصلاة وتقدم أبو بكر ليصلي ، وكان جبريل عليهالسلام الذي أمره بالخروج ليصلي بهم ، وعلم ما يقع من الفتنة إن صلّى بهم أبو بكر ، وخرج رسول الله يمشي بين علي والفضل وقدماه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد ، فلما رآه أبو بكر تأخر ، وتقدم رسول الله وصلّى بالناس ، فلما سلّم أمر عليا والفضل فقال : «ضعاني على المنبر» ، فوضعاه على منبره ، فسكت ساعة فقال : «يا أمة أحمد ، إن وصيتي فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، اعتصموا بهما تردوا على نبيكم حوضه ، ألا ليذادنّ عنه رجال منكم ، فأقول سحقا سحقا» ثم أمر عليا والفضل أن يدخلاه منزله ، وأمر بباب الحجرة ففتح ودخل الناس عليه ، فقال : «إن الله لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ثم قال : «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا».
فقال عمر بن الخطاب : إن رسول الله ليهجر ، كتابا غير كتاب الله يريد.
فسمع رسول الله قوله فغضب ، ثم قال لهم : «اخرجوا عني وأستودعكم (١) كتاب الله وأهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، وأنفذوا جيش أسامة ، لا يتخلف عن بعثته إلّا عاص لله ولرسوله» ، ثم جعل يقول : «اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» ، وخرج الناس وأغلق الباب الذي كان على الحجرة ، فلما طلعت الشمس وانبسطت ، ثقل رسول الله ورأسه في حجر علي عليهالسلام والفضل يذب عنه بين يديه (٢) ، وأقبل رسول الله على علي يساره يناجيه ، وتنحى الفضل ، فطالت مناجاته ، فكان علي عليهالسلام يقول : إنه أوصاني وعلمني بما هو كائن بعده (٣).
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٠٨ ـ أ].
(٢) في (أ) : والفضل يذب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٣) في (أ) : أنه أوصاه وعلمه بما هو كائن بعده.