فقال له أبو بكر : تالله تهددني! لئن سألني ربي لأقولن استخلفت عليهم خير أهلك ، وو الله ثم والله لئن عصيته وذكرته بسوء وأنا حي بين أظهركم لأنفينك إلى أرض اليمن ، حتى تكون حراثا يأكل كدّ يده ، ثم قال : يا معيقيب خذ بيده وأخرجه لا أقام الله رجليه.
فخرج طلحة ، ثم أوصى إلى عمر حتى إذا ثقل قال : إنني لا آسى من الدنيا إلّا على ثلاث وددت أني تركتهن ، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله عنها (١) :
فأما اللواتي وددت أني تركتها : فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة بنت رسول الله وإن كانوا أغلقوه على الحرب ، ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة (٢) السلمي بالنار ، ـ وكان يفعل به ـ ووددت يوم سقيفة بني ساعدة أني قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح ، فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا.
وأما اللواتي وددت أني فعلتهن : فوددت أني يوم أتيت بأشعث بن قيس أسيرا ضربت عنقه ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة أقمت بذي القصة إن ظفر المسلمون ظفروا ، وإن هربوا كنت مردا ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام أني سيرت عمر إلى العراق.
وأما اللواتي وددت أني سألت رسول الله عنهن : فوددت أني سألته عن هذا الأمر فلا ينازعه أحد ، ووددت أني سألته هل للأنصار فيه نصيب ، ووددت أني سألت عن ميراث بنت الأخ والعمة ، فإن في نفسي منها شيئا (٣).
__________________
(١) في شرح النهج (١ / ٣٠٨) (أما إني لا آسي إلّا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهنّ ، وثلاث لم أفعلهنّ وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهنّ).
(٢) الفجاءة : هو إياس بن عبد الله بن عبديا السلمي ، وكان قد استعرض الناس بقتلهم وبأخذ أموالهم فأمر أبو بكر بإحراقه ، وعندها نهاية الصفحة [١٢٥ ـ أ].
(٣) الخبر : أورده ابن أبي الحديد في شرح النهج (١ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨) ، نقلا عن كتاب (السقيفة) لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ... وقال : وروى أحمد ـ أي الجوهري ، وروى المبرّد في الكامل صدر هذا الخبر ـ عن عبد الرحمن بن عوف قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات ... إلخ.