في سوق المدينة ، ومعه الخنجر الذي طعن به عمر فقتلهما ، فأوصى عمر أيهم ولي أمر المسلمين أن ينظر عبيد الله فإنه قتل رجلين من المسلمين ، فإن هو أقام بينة عادلة أنهما هما اللذان أمرا بقتله خلى سبيله.
فجعل عثمان يعلل الناس إذا كلموه في أمره ، ثم إنه عمد إلى مقام رسول الله على منبره فجلس عليه ، فقال سلمان (١) : اليوم ولد الشر ، وقد كان أبو بكر قام أسفل منه ؛ وعمر أسفل من مقام أبي بكر ، ثم إنه زعم أنه عفا عن عبيد الله فقال المسلمون : ليس لك العفو عنه ، فقال : بلى أنا والي المسلمين ، فقال علي عليهالسلام : ليس كما تقول أنت بمنزلة أقصى المسلمين رجلا ، لا يسعك العفو عنه ، فإنما قتلهما في ولاية غيرك ولو كان في ولايتك ما كان لك.
فلما رأى أن المسلمين أبوا عليه إلّا قتله أمره فدخل إلى الكوفة ، وأقطعه بها دارا وأرضا من السواد ، وجعل له غلتها ، وعمد إلى عمال عمر فعزلهم ، واستعمل الوليد بن عقبة (٢) على الكوفة ـ وكان أخاه لأمه ـ وهو الذي أنزل الله فيه : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ...) الآية [الحجرات : ٦]
__________________
(١) قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : هو سلمان ابن الإسلام ، أبو عبد الله الفارسي ، سابق الغرب إلى الإسلام ، صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وخدمه ، حدث عنه ، وروى عنه ابن عباس ، وأنس بن مالك ، وعبد الرحمن النخعي ، وكان لبيبا حازما ، من عقلاء الرجال وعبادتهم ونبلائهم ، وهو من أشار على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحفر الخندق. وأخرج أحمد في مسنده لبريدة قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليكم بحب أربعة : علي وأبي ذر وسلمان والمقداد» ، وكان رجلا قويا ، انظر : سير أعلام النبلاء (١ / ٥٠٥ ـ ٥٥٧) ، طبقات ابن سعد (٤ / ٥٤) ، حلية الأولياء (١ / ١٨٥ ـ ٢٠٨) ، تاريخ أصبهان (١ / ٤٨ ـ ٥٧) ، الاستيعاب (٤ / ٢٢١) ، تاريخ بغداد (١ / ١٦٣ ـ ١٧١) ، أسد الغابة (٢ / ٤١٧) ، تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٨) ، تهذيب التهذيب (٤ / ١٣٧) ، الإصابة (٤ / ٢٢٣) (٥ / ٣٣) ، خلاصة تهذيب الكمال (١٤٧) ، كنز العمال (١٣ / ٤٢١) ، شذرات الذهب (١ / ٤٤) ، تهذيب تاريخ ابن عساكر (٦ / ١٩٠ ـ ٢١١).
(٢) هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو وهب الأموي ، وهو أخو عثمان بن عفان لأمه ، بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على صدقات بني المصطلق ولي الكوفة لعثمان قال حصين بن المنذر : صلى الوليد بالناس الفجر أربعا وهو سكران ثم التفت وقال : أزيدكم ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٤١٢ ـ ٤١٦) ، ابن سعد (٦ / ٢٤) (٧ / ٤٧٦) ، نسب قريش (١٣٨) ، مروج الذهب (٣ / ٢٧٩ ، ٩٩ ، ١٩٩) ، الأغاني (٥ / ١٢٢) ، الاستيعاب (ت ٢٧٥٠) ، تهذيب التهذيب (١١ / ١٤٢) ، تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٢ / ١٤٥) ، تهذيب الكمال (١٤٧٠) ، البداية والنهاية (٨ / ٢١٤) ، العقد الثمين (٧ / ٣٩٨) ، روى أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال الوليد بن عقبة لعلي : أنا أحد منك سنانا ، وأبسط لسانا ، وأملأ للكتيبة ، وقال علي : اسكت ، فإنما أنت فاسق ، فأنزل الله سبحانه وتعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) ، أورده السيوطي في الدر المنثور (٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨) ونسبه للأغاني (٥ / ١٤٠) ، والواحدي أخرجه أيضا في أسباب النزول ، وابن عدي ، وابن مردويه ، والخطيب من طرق عدة عن ابن عباس ، الاستيعاب (٤ / ١١٤ ـ ١١٨) ت (٢٧٥٠).