المدينة فأدخله وأعطاه ثلاثمائة ألف درهم ، وأعطى الحارث بن الحكم (١) صدقة البحرين ، وأعطى مروان بن الحكم (٢) مائة ألف من خمس إفريقية ، واستلف (٣) من مال الله مالا عظيما ، فأتاه عبد الله بن أرقم (٤) ـ وكان يلي الفيء والخمس والمال على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر ـ يتقاضاه ، فقال : ما لك ولهذا والله لا أقضي منه شيئا أبدا ، قال : والله لا ألي لك شيئا أبدا ما بقيت.
وقدم عليه مال من العراق فطفق يقسمه بين بناته وأهله في الصحاف ، واشترى الأرضين بمال الله ، وهو أول من بنى القصور في المدينة ، وأفاض المال على ولده ، وقد قال الله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) [الحشر : ٧].
وقتل الوليد بن عقبة رجلا بالكوفة من الخيار يقال له : دينار ، فأبى أن يقتله به ، وشرب الخمر الوليد بالكوفة ، فشهدوا عليه عنده أنه يصلي بالناس سكران ، فلم يعزله ولم يضربه حتى أخرجه أهل الكوفة ، وأحيا مواضع القطر في البادية ، وأرعى فيها أهلها الماشية ؛ وقد قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ...) الآية [يونس : ٥٩] ، ومنع الأعراب الجهاد (٥) مخافة أن يشركهم في الفيء ، وقد دعاهم الله ورسوله إلى الجهاد ، فكلمه المسلمون فيما ركب من المعاصي فشتمهم وآذاهم.
__________________
(١) هو : الحارث بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، تزوج عائشة بنت عثمان بن عفان وأعطاه مائة ألف من بيت المال ، انظر : جمهرة أنساب العرب (١٠٩) ، شرح النهج (١ / ١٩٩).
(٢) هو : مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، أبو عبد الملك القرشي الأموي يكنى أبا القاسم وأبا الحكم ، مولده بمكة ، قال عطاء بن السائب عن أبي فجر ، قال : كنت بين الحسن والحسين ومروان ، والحسين يساب مروان فنهاه الحسن ، فقال مروان : أنتم أهل بيت ملعونون ، فقال الحسن : ويلك ، قلت هذا والله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه.
توفي خنقا في أول رمضان سنة (٦٥ ه) ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٤٧٦) ، الاستيعاب (٣ / ٤٤٤ ت ٢٣٩٩) ، الإصابة (ت ٧٩٣١) ، أسد الغابة (ت ٤٨٤٨) ، طبقات ابن سعد (٥ / ٣٥) ، طبقات خليفة (ت ١٩٨٤) ، الجرح (٨ / ٢٧١) ، تاريخ الطبري (٥ / ٥٣٠ ، ٦١٠). وانظر بقية مصادر ترجمته في سير أعلام النبلاء (٣ / ٤٧٦) ، الاستيعاب (٣ / ٤٤٤).
(٣) في (أ، ب) : واستسلف.
(٤) هو : عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري الكاتب ، ولاه عمر بيت المال ، وولي بيت المال لعثمان مدة ، قال مالك : أجازه عثمان وهو على بيت المال بثلاثين ألفا ، وقيل : إنها كانت ثلاثمائة ألف درهم ، انظر : سير أعلام النبلاء (٢ / ٤٨٢ ـ ٤٨٣).
(٥) نهاية الصفحة [١٣٤ ـ أ].