الحدود والأحكام ، وأنصف وأعزل عمّالي ، فلما سمعوا ذلك قبلوا ورضوا ، فرجعوا إلى أمصارهم.
فلما انصرف الناس طلب أصحاب رسول الله الذي أعطاهم من نفسه فأبى ، وزعم أنه لا يطيق ضرب الوليد بن عقبة ، وقال : دونكم فاضربوه ، فضربه علي عليهالسلام بيده ، وسألوه أن يقيد بدينار ، فأبى وزعم أنه أولى به وأنه عفا عن الوليد ، فقال الزبير : والله لتقيدن بدينار أو لنقتلن دنانير كثيرة. فأبى وكتب إلى معاوية : إن أهل المدينة قد كفروا وخالفوا الطاعة ، فأرسل إلى أهل الشام على كل صعب وذلول ، وكتب إلى أهل الشام فنفروا إليه مع أسيد بن كرز القسري جد خالد بن عبد الله (١) ، حتى إذا كانوا بوادي القرى بلغهم قتله ، وكان كتب إلى عبد الله بن أبي سرح عامله على مصر : انظر فلانا وفلانا ـ لرجال من خيار المسلمين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) وسلّم ومن التابعين ـ فإذا قدموا إليك (٣) فاقتل فلانا واصلب فلانا واقطع يد فلان ، وبعث في ذلك أبا الأعور السلمي (٤) ، فلقوه في بعض الطريق ،
__________________
(١) هو أسيد وقيل : أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس القسري جد خالد بن عبد الله القسري ، حديثه عند يونس بن إسحاق بن إسماعيل بن واسط البجلي ، عن خالد بن عبد الله بن زيد بن أسد القسري ، عن جده أسد بن كرز سمع النبي ، قال في أسد الغابة : وقيل : أسد وهو الصحيح. وروى خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسيد عن أبيه عن جده أسيد بن كرز ، كان يبالغ في سب علي ، انظر : أسد الغابة (١ / ٧٠ ، ٩١) تجريد أسماء الصحابة (١ / ١٤) الاستيعاب (١ / ١٧٤ ت ٢٨) الثقات (٣ / ١٨) الوافي بالوفيات (٩ / ٨) ذيل الكاشف (٦٢) الإصابة (١ / ٣٣ ت ١٠٣). أما خالد فهو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري من بجيلة ، أبو الهيثم ، أمير العراقين لبني أمية ، من أهل دمشق ، ولي مكة للوليد بن عبد الملك ، ثم ولاه هشام العراقين ، ولد سنة (٦٦ ه / ٦٨٦) م وقتل سنة (١٢٦ ه / ٧٤٣ م). قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت يحيى بن نعيم قال : خالد بن عبد الله القسري ، كان واليا لبني أمية ، وكان رجل سوء ، وكان يقع في علي بن أبي طالب ، وكان يقول على المنبر : العنوا علي بن أبي طالب فإنه لص ابن لص ، بضم اللام ، ودخل عليه جعدة بن هبيرة المخزومي وفي يده نبق يأكل منه ، فقال له : إذا شتمت عليا فلك بكل نبقة دينار. وأخباره ونصبه وعداوته لأمير المؤمنين كثيرة إلا أن لنا تعقيبا بسيطا ، وهو أن ابن حبان ذكره في الثقات ، وقيل لسيار : نروي عن خالد؟ قال : إنه كان أشرف من أن يكذب ، وهذا من أعجب العجائب أن يكون الناصبي ثقة وهو يسب أمير المؤمنين ، ولم يعلموا أن سب أمير المؤمنين هو سب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله» ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، انظر : الأعلام (٢ / ٢٩٧) تهذيب التهذيب (٣ / ١٠١ ت ١٧٢٦) تهذيب تاريخ ابن عساكر (٥ / ٦٦) ميزان الاعتدال (١ / ٦٣٣) الغارات (٢ / ٨٣٣) النصب والنواصب لحسن المعلم ص (٣١٤) شرح النهج (٣ / ٣٥).
(٢) نهاية الصفحة [١٣٨ ـ أ].
(٣) في (أ، د) : عليك.
(٤) هو : عمرو بن سفيان بن قائف بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج ، وقال بعضهم : سفيان بن عمرو كان مع معاوية وعمرو بن العاص في صفين ، وكان أشد من عنده على علي عليهالسلام وكان علي يذكره في القنوت في صلاة الغداة ويقول : اللهم عليك به ـ مع قوم يدعو عليهم في قنوته ، انظر : الاستيعاب (ت ٢٨٧٨) ، المغازي للواقدي (٢٦٦) ، تاريخ اليعقوبي (٢ / ١٨٧) ، أسد الغابة (ت ٥٦٩٢) ، الإصابة (ت ٩٥٤٢).