أفضت الخلافة إليه أمر عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان يقسمان ما في بيت مال المسلمين عليهم بالسوية ففعلا ، وأصاب كل رجل واحد منهم ثلاثمائة دينار ، فانتهى إليهما طلحة والزبير مع كل واحد منهما (١) ابنة ، فأعطوهما مثل ما أعطوا سائر الناس ، فانتهيا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو ببئر الملك يعمل فيها فقالا : يرحمك الله إنا وجدنا عمارا وأبا الهيثم قد فرّقا على الناس ما في بيت مالهم ، فأعطوا أولادنا مثل عامة المسلمين وجعلانا أسوتهم.
قال : بذلك أمرتهم.
قالا : ليس هكذا كان يعطينا عمر.
قال : أيهما أفضل عمر أم رسول الله؟
قالا : بل رسول الله.
قال : فهذا كتاب الله وسنة نبيه وتلا عليهما : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ) إلى قوله تعالى (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) [الحشر : ٧].
قالا : قرابتنا من رسول الله وسابقتنا وبلاؤنا.
قال : أنتما أسبق مني؟
قالا : لا.
قال : فأنتما أقرب قرابة بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أم أنا؟
قالا : لا بل أنت.
قال : فأنتما أعظم عناء في الإسلام أم أنا؟
قالا : بل أنت.
قال : فما أنا وأجيريّ هذين في مال الله ـ وأومى إلى أجيرين يعملان معه ـ إلّا سواء.
قالا : فأذن لنا في العمرة.
قال : انطلقا ، فما العمرة تريدان ، ولكن الغدرة ، ولقد نبئت بأمر كما ورأيت مصارعكما ،
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٤٩ ـ أ].