تخرجوا إلى معسكركم بالنخيلة ، فأجابوه ولم يبرح في النخيلة حتى قدم إليه ابن عباس مع أهل البصرة ، ثم سار حتى إذا جاوز الجسر نزل في مسجد أبي سبرة فقصر فيه (١) صلاة الظهر ، ثم سار حتى نزل دير أبي موسى على فرسخين من الكوفة فصلى العصر ، وقدم زياد بن النضر الحارثي (٢) في ثلاثة آلاف ، وشريح بن هانئ في ألفين ، فمضيا حتى إذا جازا أرض الجزيرة ، فلقيهما أبو الأعور السلمي في حد الشام في خيل عظيمة ، فدعواه إلى الطاعة فأبى إلّا القتال ، فراسلا أمير المؤمنين ، فدعا علي عليهالسلام مالك بن الحارث الأشتر (٣) ـ رحمهالله ـ وقال : إذا قدمت عليهم فأنت أمير ، ولا تبدأ القوم بقتال حتى يبدءوك ، واجعل على ميمنتك زيادا ، وعلى ميسرتك شريحا ، ولا تحاربهم حتى أقدم عليك.
فمضى الأشتر ، وخرج أمير المؤمنين عليهالسلام في أثره حتى بلغ صفين ، وهو من الرقة على عشرة أو خمسة فراسخ ، فكان فيه القتال ، حتى قتل في اليوم الأول زيادة على ألف رجل سوى الجرحى ، وأميرهم يومئذ عمار بن ياسر رحمة الله عليه في خمسة عشر ألفا.
وفي حديث أبي مخنف أن أمير المؤمنين عليهالسلام شخص من النخيلة لخمس مضين من شوال ، ولم يقاتلوا إلى غرة صفر إلّا ما كان من القتال حين وردوا الماء (٤) أولا ، ثم اتصل
__________________
(١) في (أ) : فقصر فيها.
(٢) هو زياد بن النظر بن الحارث من أخلص أصحاب أمير المؤمنين وللإسلام ، حضر مع أمير المؤمنين وقعة صفين وأبلى فيها بلاء حسنا وجاهد جهادا عظيما ، وكان فارسا شجاعا مطاعا شريفا في قومه ، وكان في جملة من أرسلهم أمير المؤمنين إلى الخوارج ليحتجوا عليهم ، انظر : وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص (١٠١ ، ١١١ ، ١١٨ ، ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٧٧ ، ١٩٥ ، ٢١٤ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٧٠ ، ٣٦٩ ، ٥٣٣) أعيان الشيعة (٣ / ٨٥ ـ ٨٧).
(٣) هو : مالك بن الحارث النخعي الأشتر ، أحد الأشراف والأبطال المذكورين ، حدث عن عمر وخالد بن الوليد ، فقئت عينه يوم اليرموك ، وشهد صفين مع الإمام علي عليهالسلام ، وولاه مصر ، دس له السم في الطريق ، سر عمرو بن العاص بهلاكه ، وقال : إن لله جنودا من عسل ، انظر : وقعة صفين (٦٢ ، ١٥٤ ، ١٧٣ (وانظر فهارسه) ص (٥٨١) ، طبقات ابن سعد (٦ / ٢١٣) ، معجم الشعراء للمرزباني (٢٦٢) ، شرح الحماسة للتبريزي (١ / ٧٥) ، الإصابة ت (٨٣٤١) ، تهذيب التهذيب (١٠ / ١١) النجوم الزاهرة (١ / ١٠٢) ، وما بعدها ، دائرة المعارف الإسلامية (٢ / ٢١٠) سير أعلام النبلاء (٤ / ٣٤ ـ ٣٥).
(٤) من (ب ، ج) : حين وردوا على الماء.