قالت : فإني أطلب لك من يساعدك ، وبعثت إلى رجل يقال له : وردان فكلمته فأجابها ، وأتى ابن ملجم (لعنه الله) شبيب بن بجرة (١) ، ويقال : شبث ، وقال : هل لك في قتل علي؟
فقال : ثكلتك أمك كيف تقدر (٢) عليه؟
قال : أكمن له في المسجد ، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه.
قال : ويحك لو كان غير علي كان أهون.
قال : أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد المصلين.
قال : بلى.
قال : نقتله بمن قتل من إخواننا ، فأجابه ، فجاءوا حتى دخلوا على قطام ، وقال : هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه ، ثم أخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي خرج منها علي عليهالسلام ، فخرج صلوات الله عليه لصلاة الغداة فشد عليه شبث فوقع سيفه بعضادة الباب وبالطاق ، ولم يصبه وضربه ابن ملجم (لعنه الله) على رأسه ، وهرب وردان حتى دخل منزله ، فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو ينزع السيف والحرير (٣) وأخبره بما كان ، فذهب إلى منزله وأخذ سيفه وعلاه به حتى قتله ، وخرج شبث ونجا ، وشدوا على ابن ملجم (لعنه الله) وأخذوه.
يقال : إنه أتى تلك الليلة الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن جبلة بن معاوية (٤) وكان
__________________
(١) هو شبيب بن بحرة الأشجعي ، من الخوارج من أهل الكوفة اشترك مع عبد الرحمن بن ملجم (لعنه الله) في مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام سنة (٤٠ ه) في الكوفة ، ضربه بالسيف أولا وتلاه ابن ملجم ، فكانت ضربة هذا في وسط رأسه ، وأكثر المؤرخين على أن شبيبا هرب في عمار الناس بعد جرحه أمير المؤمنين واختفى أثره ، انظر : الكامل لابن الأثير حوادث سنة (٤٠ ه) ، أعيان الشيعة (١ / ٥٣١) وما بعدها ، المشروع الروي (١ / ٧٩) ، التاج (٣ / ٢٦) ، تاريخ الإسلام للذهبي (٢ / ٢٠٦) ، الأعلام (٣ / ١٥٦).
(٢) نهاية الصفحة [١٧٤ ـ أ].
(٣) قوله : والحرير ذكر في القصة أنها (لعنها الله) ربطت صدورهم بحرير وذلك فيما يزعم أن الربط بقطع الحرير على صدورهم يشدد من قلوبهم.
(٤) انظر مقولة الأشعث لابن ملجم مقاتل الطالبين ص (٤٧).