محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فأدى عن الله رسالته ، ونصح الله في عباده حتى توفاه ، وقد رضي عمله وغفر ذنبه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثم ذكر الذين ولوا الأمر بعده ، وذكر (١) عثمان ، وقال : إنه خالف سنة من كان قبله ، وسنّ سنن ضلالة لم تكن قبله ، واستأثر بالفيء وحابى به أقرباءه ، ووضعه في غير مواضعه ، فرأى أهل الفضل من هذه الأمة أن ينفوا ما رأوه من إحداثه فقتلوه ، ثم نهضوا إلى خير خلق الله بعد رسول الله وأولاهم بالأمر من بعده ، فبايعوه فأقام الكتاب ، وحكم بالحق ، وتخلى عن الدنيا ، ورضي منها بالكفاف ، وتزود منها زاد البلغة ، ولم يؤثر نفسه ولا أقرباءه بفيء المسلمين (٢) ، فتوفاه الله حسن السيرة تابعا للسنة ، ماحقا للبدعة ، وهذا ابنه وابن رسول الله وأولى عباد الله اليوم بهذا الأمر ، فقوموا إليه رحمكم الله فبايعوه ترشدوا وتصيبوا (٣).
ثم قال : ابسط يدك يا ابن رسول الله أبايعك ، فبسطها ، فبايعه ، وقام إليه المسيب بن نجبة الفزاري (٤) ، وسليمان بن صرد الخزاعي (٥) ، وسعيد بن عبد الله الحنفي ، وحجر بن عدي فبايعوه ، فكان يقول للرجل : تبايع على كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم سلم من سالمت ، وحرب لمن حاربت ، فعلموا أنه يريد الجد في الحرب ، فكان (٦) أمير المؤمنين عليهالسلام أوصاه بذلك
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٨١ ـ أ].
(٢) في (أ) : بفيء للمسلمين.
(٣) في مقاتل الطالبيين : إن الحسن بعد خطبته السابقة قام ابن عباس بين يديه ، فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا له ، وقالوا : ما أحبه إلينا ، وأحقه بالخلافة فبايعوه ، المقاتل ص (٦٢) ، وانظر ص (٧٠).
(٤) هو : المسيب بن نجبة الفزاري ، روى عن حذيفة ، روى عنه أبو إسحاق السبيعي ، يقال : إنه خرج وسليمان بن صرد سنة خمس وستين يطالبون بدم الحسين بن علي (كرم الله وجهه) فقتلا ، انظر : الجرح والتعديل (٨ / ٢٩٣).
(٥) هو : سلمان بن صرد الأمير ، أبو مطرف الخزاعي ، الكوفي ، الصحابي ، له رواية يسيرة ، وعن أبي وجبير بن مطعم ، وعنه يحيى بن يعمر ، وعدي بن ثابت ، وأبو إسحاق ، وآخرون قال ابن عبد الرحمن : كان ممن كاتب الحسين ليبايعه فلما عجز عن نصره ندم ، وحارب وهو الذي بارز يوم صفين حوضا ذا ظليم فقتله ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥) ، ابن سعد (٤ / ٢٩٢ ، ٦ / ٢٥) ، مشاهير علماء الأمصار ت (٣٠٥) ، الاستيعاب (٦٤٩) ، تاريخ بغداد (١ / ٢٠٠) ، أسد الغابة (٢ / ٤٤٩).
(٦) في (أ، ب ، د) : فكان.