وكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه إلى مثل ما دعا إليه عبيد الله ، ويعطيه ألف ألف درهم (١) ، فقال لرسوله : قل له : لا والله لا أنثني عن شيء إلّا عن الرمح بيني وبينك.
وكتب إلى معاوية : إنما أنت وثن من أوثان مكة دخلت في الإسلام كرها وخرجت منه طائعا ، والله لو سرت إلي شبرا لأسيرن إليك ذراعا ، ولئن سرت إليّ ذراعا لسرت إليك باعا ، ولئن سرت باعا لأهرولن إليك (٢).
قال : وخرج الحسن بن علي عليهالسلام في نصف ذي الحجة في خمسة وعشرين ألفا حتى نزل المدائن.
[١٨٢] قال إبراهيم بن محمد الثقفي فحدثنا أبو إسحاق البجلي بإسناده عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي أن معاوية كتب حينئذ إلى رءوس من مع الحسن بن علي : أن قيس بن سعد قد بايعني ، وجعل يكتب إلى الرجل منهم لك أرض كذا وكذا حتى بايعوه ، وثاروا بالحسن عليهالسلام ذات عشية فطعنه رجل منهم طعنة في جنبه (٣) ، وثار إلى القصر الأبيض ليدخله فمد رجل منهم يده إلى ثوبه فانتزعه عن ظهره ، وتناول آخر طنفسة (٤) فحصروه في القصر ،
__________________
(١) في المقاتل : وكتب معاوية إلى قيس يدعوه ويمنيه ، فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبدا إلا وبيني وبينك الرمح. فلما اطلع معاوية على رد قيس كتب إليه (أما بعد ، فإنما أنت يهودي ابن يهودي تشقي نفسك ، وتقتلها فيما ليس لك ، فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذلك وغدرك ، (والمقاتل : عزلك) وإن ظهر أبغضها إليك نكل بك ، وقتلك ، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ورمى غير غرضه ، فأكثر الحز وأخطأ المفصل فخذله قومه ، وأدركه يومه فمات بحوران طريدا غريبا والسلام). المقاتل ص (٧٤) ، شرح النهج (١٦ / ٤٣).
(٢) رد قيس بن سعد بن عبادة على معاوية على الكتاب المشار إليه في الحاشية السابقة ، أورده في مقاتل الطالبيين ص (٧٤) ، وشرح النهج للمعتزلي (١٦ / ٤٣) ، وذلك على النحو التالي (أما بعد : فإنما أنت وثن وثن ، دخلت في الإسلام كرها ، وأقمت عليه فرقا ، وخرجت منه طوعا ، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا ، لم يقدم إسلامك ، ولم يحدث نفاتك ، ولم تزل حربا لله ورسوله وحزبا من أحزاب المشركين فأنت عدو الله ورسوله والمؤمنين من عباده ـ وذكرت أبي ، ولعمري ما أوتر إلا قوسه ، ولا رمى إلا غرضه ، فشغب عليه من لا تشق غباره ، ولا يبلغ كعبه ، وكان أمرأ مرغوبا عنه ، مزهودا فيه. وزعمت أني يهودي ابن يهودي وقد علمت وعلم الناس أني وأبي من أنصار الدين الذي خرجت منه ، وأعداء الدين الذي دخلت فيه ، وصرت إليه والسلام).
(٣) في (أ، د) : طعنه على جنبه.
(٤) هي البساط ، والنمرقة فوق الرجل.