حميد بن مسلم ، قال : حدثنا علي بن مجاهد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس] (١) وغيرهم ممن ذكرهم أن رسول الله خرج مسافرا من المدينة ، فلما كان بحرة وقف واسترجع ، ثم مرّ ثم وقف واسترجع أكثر من الأولى وبكى وقال : «هذا جبريل يخبرني أنها أرض كرب وبلاء ، يقتل فيها الحسين سخيلتي ، وفرخ فرختي (٢) ، وأتاني منها بتربة حمراء» ثم دفع إلى علي عليهالسلام التربة وقال : «إذا غلت وسالت دما عبيطا فقد قتل الحسين عليهالسلام» ، ثم قال ومد يده (٣) : «اللهم لا تبارك في يزيد ، كأني أنظر إلى مصرعه ومدفنه».
قال : ودفع علي عليهالسلام التربة إلى أم سلمة ، فشدتها في طرف ثوبها ، فلما قتل الحسين عليهالسلام إذا بها تسيل دما عبيطا (٤) ، فقالت أم سلمة : اليوم أفشي سر رسول الله.
قال ابن عباس : واشتد برسول الله مرضه الذي مات فيه ، فحضرته وقد ضم الحسين إلى صدره يسيل من عرقه عليه وهو يجود بنفسه ، وهو يقول : «ما لي وليزيد لا بارك الله فيه ، اللهم العن يزيد» ثم غشي عليه طويلا ، وأفاق وجعل يقبل الحسين وعيناه تذرفان ، ويقول : «أما إن لي ولقاتلك مقاما بين يدي الله» (٥).
قال : ثم إن معاوية لما استولى على الأمر تسعة عشر سنة وستة أشهر ، ودخلت سنة ستين مرض مرضته التي مات فيها ، فكان يرى أشياء ويهذي (٦) فيها هذيانا كثيرا ، ويقول : ويحكم اسقوني اسقوني ، فيشرب ولا يروى ، وربما غشي عليه اليوم واليومين ، فإذا أفاق نادى بأعلى صوته : ما لي وما لك يا حجر بن عدي ، ما لي وما لك يا مالك (٧) ، ما لي وما لك يا بن أبي طالب ،
__________________
(١) في أصولي : أخبرنا عبد الله بن محمد التيمي بإسناده عن محمد بن الحنفية وعن جعفر بن محمد عن ابن عباس. والسند هذا فيه خلط ما بين النسخ ولم نقف سند للمؤلف عن طريق التيمي إلى ابن الحنفية.
(٢) في (ب ، ج) : وسخل سخلتي وفرخ فرختي.
(٣) أي وضعها كما يضعها المتضرع إلى الله بالدعاء رافعا إياها إلى الأعلى.
(٤) في (ب ، ج) : فإذ أنها تسيل دما عبيطا ، وعبيطا : أي طريّا.
(٥) الأحاديث الواردة في شهادة الحسين والتنبؤ بذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرة ، انظر : ينابيع المودة للقندوزي (١ / ٢ / ١٤٢ ـ ١٥٨) ، الباب الستون في الجزء الثاني.
(٦) نهاية الصفحة [١٨٧ ـ أ].
(٧) أي مالك بن الحرث النخعي الأشتر.