آل أبي تراب (١) ، فمن قرئ عليه هذا الكتاب وقبله وبادر إلى طاعة أميره (٢) أكرم وقرب ، ومن تلكأ عليه (٣) وامتنع فضرب الرقاب ، فلما خرجوا من عنده أقبل على يزيد وقال : يا بني إني قد وطأت لك البلاد ، وأذللت الرقاب وبوئت بالأوزار (٤) ، ولست أخاف عليك من هذه الأمة إلّا أربعة نفر من قريش : فرخ أبي تراب شبيه أبيه ، وقد عرفت عداوته وعداوة آله لنا ، وعبد الله بن عمر (٥) ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر (٦).
فأما عبد الرحمن بن أبي بكر فمغرى بالنساء ، فإن بايعك الناس بايعك ، وأما ابن عمر فما أظن أنه يقاتلك ولا يصلح لها ، فإن أباه كان أعرف به ، وقد قال : كيف أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته.
وأما الحسين بن علي فإن أهل العراق لا يدعونه حتى يخرجوه عليك ويكفيكه الله بمن قتل أباه ، وأما ابن الزبير فإن أمكنتك الفرصة فقطعه إربا إربا فإنه يجثم جثوم الأسد ويروغ روغان الثعلب.
قال : وكتب إلى ابن أخيه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (٧) إلى المدينة يأمره بأخذ البيعة ليزيد من أهل الحجاز ، وأن يدعو هؤلاء النفر ولا يفارقهم دون البيعة له ، ومن أبى منهم قتله ؛ فدعا
__________________
(١) في (ب) : آل أبي طالب.
(٢) في (ب) : أميره.
(٣) في (ب) : ومن تلكأ عنه.
(٤) في (ب ، ج) : وتبوأت بالأوزار.
(٥) نهاية الصفحة [١٨٩ ـ أ].
(٦) هو : عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق شقيق عائشة بنت أبي بكر ، حضر بدرا مع المشركين ، أسلم ، وهاجر قبيل الفتح وأما جده أبو قحافة فتأخر إسلامه إلى يوم الفتح وكان من الطلقاء ، وكان أسن أولاد أبي بكر ، روى عنه ابناه : عبد الله وحفصة ، وأبو عثمان النهدي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وآخرون ، توفي سنة ثلاث وخمسين ، انظر : سير أعلام النبلاء (٢ / ٤٧١ ـ ٤٧٣) ، طبقات خليفة (١٨ ، ١٨٩) ، التاريخ الكبير (٥ / ٢٤٢) ، المعارف (١٧٣ ، ١٧٤ ، ٢٣٣ ، ٥٩٢) ، تاريخ الفسوي (١ / ٢١٣ ، ٢٨٥) ، الاستيعاب (٢ / ٨٢٥) ، أسد الغابة (٣ / ٤٦٦) ، الإصابة (٦ / ٢٩٥).
(٧) ولي لعمه معاوية المدينة وولي الموسم مرات ، وقيل : إنهم أرادوه على الخلافة فطعن فمات بعد موت معاوية بن يزيد ، وقيل : إنه قدم للصلاة على معاوية فأخذه الطاعون في الصلاة ، فلم يرفع إلا وهو ميت ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٥٣٤) ، المجير (٨٥ ، ٤٤١) ، الجرح والتعديل (٩ / ١٢) ، العقد الثمين (٧ / ٣٩١) ، شذرات الذهب (١ / ٧٢).