الرجل فبادراه وليوص إلى يزيد فإنه أرضانا ، ولا نأمن أن يخرج هذا الأمر إلى آل أبي تراب ، فدخلا عليه وقد أفاق وهو يقول : أصبحت ثقيل الوزر عظيم الجرم.
فقالا : إن الناس قد اضطربوا وأنت حي ، فكيف إن حدث بك حدث ، وقد رضوا بيزيد.
فقال معاوية : لم يزل هذا رأيي وهل يستقيم لهم غير يزيد ، إني إنما طلبتها لتبقى في ولدي إلى يوم القيامة ، ولا تنالها ذرية أبي تراب.
قال : وأدخل عليه الناس فقال : يا أهل الشام كيف رضاكم عن أمير المؤمنين؟
فقالوا : خير الرضى كنت فكنت ، وشتموا علي بن أبي (١) طالب والحسن والحسين عليهمالسلام وقرظوا يزيد ومدحوه ، فقال لهم : قوموا فبايعوه ، فأول من بايعه الضحاك بن قيس ثم مسلم بن عقبة ، ثم الناس.
قال : وخرج يزيد من فوره وتعمم بعمامة معاوية ، وتختم بخاتمه ، وعليه قميص عثمان الملطخ بالدم في عنقه ، وهكذا كان يفعل (٢) معاوية عند إغراء أهل الشام بعلي وأهل بيته عليهمالسلام ، فحمد الله وأثنى عليه وخطب وبايعه بقية الناس (٣) ، فلما كان من الغد دخل الناس على معاوية ، ويزيد بين يديه ، فأخرج كتابا من تحت وسادته نسخه :
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد «به» (٤) معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين إلى ابنه يزيد بن معاوية : أنه قد بايعه ، وعهد إليه ، جعل الأمر من بعده إليه ، وسماه أمير المؤمنين ، على أن يحفظ هذا الحي من قريش ، ويبعد قاتل الأحبة هذا الحي من الأنصار ، وأن يقدم بني أمية وبني عبد شمس على بني هاشم وغيرهم ، ويطلب بدم المظلوم المذبوح أمير المؤمنين عثمان قتيل
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٨٨ ـ أ].
(٢) في (أ) : كان يفعله.
(٣) انظر : العقد الفريد (٤ / ١٥٣) ، عيون الأخبار (٢ / ٢٣٩) ، حياة الحسين (٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤).
(٤) ساقط في (أ).