قال : والله ما أنا دعوته ولو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه ، فرماه بالعمود فشجه.
وبلغ مسلما خبره فخرج ، وأشرف رجال من أهل الكوفة ، فرأوا قومهم وأشرافهم عند ابن زياد فانصرفوا عنه حتى ما أمسى مع مسلم إلّا أربع مائة.
وجاء أصحاب ابن زياد ، فقاتلهم مسلم قتالا شديدا حتى اختلط الظلام فتركوه وحده ، وانقلب يدور في أزقة الكوفة ، فخرجت امرأة فقالت : يا عبد الله ما يقيمك هاهنا؟
قال : اسقيني ماء ، فأتته به ، فشرب وجلس حتى صلّيت العشاء الآخرة ، وخرجت المرأة فقالت : إن مجلسك هاهنا مجلس ريبة.
قال : فيك خير؟
قالت : نعم.
قال : فإني مسلم (١) بن عقيل. فأدخلته منزلها ، فما كان بأسرع من أن دخل ابنها فقال : من هذا؟
فقالت : مسلم بن عقيل ، فخرج حتى أخبر محمد بن الأشعث (٢) ، فخرج ابن الأشعث إلى ابن زياد فأخبره خبره ، فأمره أن يخرج حتى يحيط بالدار ففعل ، وخرج إليه مسلم بسيفه. فقال له ابن الأشعث : ألق سيفك ولك الأمان ، ففعل فأخذه وأتى به ابن زياد فحبسه ، فلما أصبح اجتمع الناس فضرب عنقه ، وأمر بهانئ فشق عرقوباه وجعل فيهما حبل ، وجرّا إلى الكناسة وصلبا فيها (٣).
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٩٣ ـ أ].
(٢) في مقاتل الطالبيين : وأصبح بلال بن العجوز التي آوت ابن عقيل فغدى إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتى أتى إلى أبيه وهو جالس فساره ، فقال له ابن زياد : ما قال لك؟ قال : أخبرني أن ابن عقيل في دار من دورنا ، فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ، ثم قال : قم فأتني به الساعة ، انظر : مقاتل الطالبيين (١٠٥ ـ ١٠٦) ، المفيد في ذكرى الشهيد ص (٣٨) وما بعدها ، الفتوح (٥ / ٨٦ ـ ١٠٤).
(٣) انظر : حياة الحسين (٢ / ٤١١ ـ ٤١٢) ، مناقب آل أبي طالب (٢ / ٩٤) ، المناقب والمثالب ص (٧٢) ، وبعد الصلب أرسل ابن زياد رأس مسلم بن عقيل وهانئ ، وعمارة بن صلحب الأزدي إلى يزيد وأرسل معهم كتاب ، انظر : مروج الذهب (٣ / ٧) ، أنساب الأشراف (ق / ج ١ / ١٥٥) ، مقاتل الطالبيين (١٠٩) ، ابن الأثير (٤ / ١٥) ، مقتل الحسين (٣٦) ، الطبري (٦ / ٢ / ٢١٢) وما بعدها ، الإرشاد (١٩٦) وما بعدها ، تهذيب ابن عساكر (٧ / ٢٤) ، ابن سعد (٤ / ٢٩).