والمعونة بكل ما يحتاجون إليه ، حتى اتصل الخبر بهارون بمكانه عند خاقان ، فأنفذ إلى خاقان ملك الترك رسولا يقال له النوفلي (١) ، وسأل خاقان أن يسلم إليه يحيى بن عبد الله فأبى ملك (٢) الترك ذلك ، وقال له (٣) : لا أفعل ولا أرى في ديني الغدر والمكر (٤) وهو رجل من ولد نبيكم شيخ عالم زاهد قد أتاني والتجأ إلي وهرب منكم وهو عندي عزيز مكرم.
فأقام يحيى بن عبد الله عنده سنتين وستة أشهر ، ثم خرج وقال له ملك الترك : لا تخرج فلك عندي ما تريد.
فقال يحيى بن عبد الله : لا يسعني المقام في ديني ، «وقد رجع إليّ دعاتي وثقاتي» (٥) ، وقد بايعني أهل المشرقين والعراقين (٦) وخراسان ، ووردت كتبهم عليّ وجزاه خيرا.
وكان يحيى بن عبد الله عليهالسلام لم يزل يعرض عليه الإسلام والتوحيد ، ويرغبه فيما عند الله في السر والعلانية ، فأسلم سرا ، وقال له : لا أجسر أن أظهر الإسلام خوفا على نفسي من أصحابي وقوادي وأهل مملكتي ، فإنهم إما أن يقتلوني أو يزول هذا الملك عني من يدي.
فخرج يحيى بن عبد الله من عنده وصار إلى قومس ، ودخل إلى جبال طبرستان التي كان يملكها شروين بن سرحان (٧) ، ثم خرج إلى ملك الديلم.
ووقع الخبر إلى العراق بمصيره إلى هناك ، فأنفذ هارون في طلبه الفضل بن يحيى البرمكي
__________________
(١) النوفلي : هو نوفل خادم المأمون ، وهو وكيله على ملكه بالسواد والناظر في أمر أولاده ببغداد ، انظر الكامل لابن الأثير (٥ / ١٤٥).
(٢) نهاية الصفحة [٢٨٩ ـ أ].
(٣) في (ب) : فقال.
(٤) في (أ، د) : الخدع والمكر.
(٥) ساقط في (أ).
(٦) في (أ، د) : أهل المشرقين والمغربين.
(٧) شروين : في بعض النسخ بن (سرخاب) ، وفي أخبار فخ (١٩٦) : تشرتون بن فلان ، وفي بعض النسخ التي اعتمدها محقق أخبار فخ : تشريون ، شروين.