فلما فرغ من قراءة تلك الكتب قال له : دعني من هذا ، أينا أحسن وجها ، وأنصع لونا ، «وأتم قامة وأحسن خلقة» (١) ، أنا أو أنت (٢)؟
فقال : أنت والله يا أمير المؤمنين أحسن وجها وأنصع لونا وأتم قامة وأحسن خلقة ، وما أنا من هذه (٣) الطريق في شيء.
قال الرشيد : فدع ذا (٤) ، أينا أسخى ، أنا أو أنت (٥)؟
فقال يحيى : يا أمير المؤمنين في الأول أجبتك بما قد علمه الله وعلمه كل مستمع وناظر ، فأما في هذه فأنا (٦) رجل أهتم بمعاشي أكثر السنة التي تأتي علي ، وأتقوت ما يصير إليّ على حسب السعة والضيق (٧) وأنت يا أمير المؤمنين يجيء إليك (٨) خراج الأرض ، والله ما أدري ما أجيب به ، في هذا.
قال : لتجيبني وما بهذا عليك خفاء (٩).
قال : وقد والله صدقتك يا أمير المؤمنين ما أدري كيف ذاك (١٠).
قال : فندع هذا ، فأينا أقرب إلى رسول الله؟
قال يحيى : يا أمير المؤمنين النسب واحد والأصل واحد والطينة واحدة ، وأنا أسألك يا أمير المؤمنين لما أعفيتني من الجواب في هذا ، فحلف له بالطلاق والعتاق والصدقة أن لا يعفيه.
__________________
(١) ساقط في (ب ، ج).
(٢) انظر : مقاتل الطالبيين (٣٦٩) وما بعدها ، وابن أبي الحديد (٤ / ٣٥٢).
(٣) في (ب) : وما أنا من هذا الطريق في شيء ، وفي (ج ، د) : وما أنا في هذا الطريق في شيء.
(٤) في (أ، د) : فيدع ذي.
(٥) في مقاتل الطالبيين : فأينا أكرم وأسخى ، أنا أو أنت؟
(٦) نهاية الصفحة [٢٩٢ ـ أ].
(٧) في (أ) : والضيقة.
(٨) في (ب ، أ) : تجيء إليك ، وفي (د) : يجيء إليك.
(٩) في (ب) : وما هذا عليك خفاء.
(١٠) في (ب) : ذلك.