قال : كنت واقفا في سوق الكيل «بالسوق» (١) في بعض حوائج محمد عليهالسلام إذ وقف عليّ فارس حسن اللحية ممتد القامة عليه ثياب ودرع بيضاء وعمامة خز ، وكان راكبا على فرس كميت أغر (٢) ، فسلم فرددت عليهالسلام ، فقال : يا موفق إنك قد وصفت لي بخير ، وقد رجوت أن تكون موضعا لسري ، والصنيعة (٣) عندي ، فهل أنت مصدق لي ظني ومتلطف لي في حاجتي؟
فقلت : ما أحقك رحمك الله بأن يصان سرك ويرغب في اليد عندك ، فأما الحاجة فقد كنت لا أضمنها إلّا بعد المعرفة فإن قدرت على قضائها قضيت ، وإن تكن الأخرى لم أكن عندك في حد أهل الغدر والكذب.
قال : فتبسم ، ثم قال : صدقت وبرزت حاجتي أن يستأذن لي على أبي عبد الله لأسلم (٤) عليه وأجدد عهدا به وأقضي ما أوجب الله علي من حقه.
قال : فسكت متفكرا في حاجته وارتج علي جوابه ولم أدر ما أقدم عليه إن أذنت له من موافقه محمد ، وعظم علي رده لما رأيت من حسن منظره وكمال هيئته ورأى التحير (٥) والإفحام في وجهي ، فقال لي : أو غير هذا؟
قلت : وما هو؟
قال : توصل إليه كتابي ، ثم يكون هو بعد يرى رأيه (٦) في الإذن لي.
فقلت : ذلك إليك (٧) ، فدفع إليّ كتابا فيه هذا الشعر :
__________________
(١) ساقط في (أ).
(٢) الفرس الكميت ما كان لونه بين الأسود والأحمر ، وهو تصغير أكمت ترجيما ، والجمع كمت. والأغر : الغرّة من كل شيء أوله وأكرمه ، وبياض في جبهة الفرس ، أي أنه فرس لونه بين الأسود والأحمر على جبهته بياض.
(٣) في (ب ، ج ، د) : للضيعة.
(٤) نهاية الصفحة [٣٠٩ ـ أ].
(٥) التحير والإفحام : حار : حورا وحئورا رجع ، والحائر المتردد والمهزول ، والإفحام : أفحم الخصم أسكته بالحجة.
(٦) في (ج) : برأيه.
(٧) في (أ، ج ، د) : لك.