فلما كان الليل غسله وأدرجه في أكفانه ثم شده على حمار (١) فأخرجه هو ونفر من الزيدية إلى الغري (٢) ، فلما استودعه قبره قال أبو السرايا : يرحمك الله يا أبا عبد الله عشت بقدر ، ومت بأجل ، عمرت فعملت ، ودعيت فأجبت ، أما والله لقد كنت وفيّ العهد (٣) ، ومحكم العقد لطيف النظر ، نافذ البصر ، ثم بكى ، وقال منشدا :
عاش الحميد فلما أن قضى ومضى |
|
كان الفقيد فمن ذا بعده خلف |
لله درك أحييت الهدى (٤) وبدت |
|
بك المعالم عنها الجور ينكشف |
[٤٤] قال أبو زيد العلوي رحمهالله : قبره عليهالسلام عندنا بالكوفة فتراه إذا رأيته كأنه قطعة جنة ، قد بقلت.
قال أبو زيد : سمعت من الناس من يقول : أنا أفضله (٥) بعد زيد بن علي عليهالسلام على الجميع (٦).
وذكر أنه عليهالسلام لم ير في زمانه أكمل منه ، وكان إذا باشر الجهاد أشجع من أوضع (٧) فيه الروح ، وأبذله مهجة في ذات الله ، ثم بكى أبو زيد.
[٤٥] قال أبو العباس الحسني : سألت أبا زيد كم كانت مدة محمد بن إبراهيم ومكثه بعد الخروج والمبادرة بالدعوة؟ فقال : قرابة شهرين فيما سمعت علماءنا يذكرون ، فقيل : إنه شهر وأيام دون كمال العشر (٨).
__________________
(١) في (أ، ج) : ثم شد على حماره.
(٢) انظر : معجم البلدان (٤ / ١٩٦ ـ ٢٠٠).
(٣) نهاية الصفحة [٣٢٠ ـ أ].
(٤) في (ج ، د) : لله درك أجبت الهدى.
(٥) في (ب) : أتفضله.
(٦) روي عن الإمام زيد عليهالسلام قوله : (يبايع الناس لرجل منا عند قصر الضرتين سنة تسع وتسعين ومائة في عشر من جمادى الأول يباهي الله به الملائكة) ، انظر : مقاتل الطالبيين ص (٤٢٨ ـ ٤٢٩).
(٧) في (أ، ب ، ج) : وضع.
(٨) ذكر الطبري أنه خرج يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ١٩٩ ه ، وفي المقاتل في عشرة من جمادى الأولى من نفس السنة ، وفي الإفادة أنه توفي يوم السبت لليلة دخلت من رجب أي من نفس السنة (١٩٩ ه) ، وعلى هذا فإن المدة من خروجه إلى استشهاده ـ إذا ما اعتبرنا تاريخ خروجه الأخير والذي ذهب إليه أبو الفرج الأصفهاني ـ خمسين يوما يزيد بيوم أو ينقص. والله أعلم.