في اليوم الذي هزم فيه فأقام به أياما ، حتى سكن قلبه ووافى من كان تفرق عليه بالهزيمة من أصحابه ، ثم نادى فيمن كان بالقصر من الكوفيين : برأت الذمة ممن أقام بعد ثلاث ، فكان الكوفيون يلقى ببعضهم بعضا ، ويقولون (١) : ما ترون ما أصبنا به من ظلم هذا الرجل إيانا ، وتحامله علينا ، إن تركنا القصر وخرجنا عنه أضعنا معايشنا ، وإن أقمنا بعد ندائه فينا عرّضنا نفسنا.
قال : فما وفت الثلاث حتى رأينا أعلام أبي السرايا قد أقبلت من جسر سوراء ، فكبرنا سرورا بها ، وسمع زهير التكبير فخرج هاربا ، ودخلت خيل أبي السرايا القصر فأقاموا بها حتى أراحوا «خيولهم» (٢) ودوابهم ، وودعوا أنفسهم ، ثم رجع إلى سوق أسد.
[٤٩] حدثنا (٣) أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني بإسناده عن نصر بن مزاحم ، عن رجل من أهل الجامع قال : نزل عبدوس بن أبي خالد الجامع فيمن كان معه من خيول أهل بغداد ورجالهم ، فلما (٤) بلغه هزيمة زهير ودخول أبي السرايا سوق أسد (٥) خندق حوله ، وحصن عسكره ، وعمد إلى ما كان في البيادر من الأطعمة فاحتازه ، وجمعه ، ثم فرقه في أهل الجامع وأمرهم (٦) أن يطحنوه (٧) لأصحابه ، وتهيأ للقتال ، واستعد للحرب ، قال : فتقاعد أهل الجامع به ، انتظارا (٨) لقدوم أبي السرايا فنادى فيهم وعاقب بعضهم ، فما قطع (٩) المنادي نداءه حتى وافى أبو السرايا سوراء فيمن معه.
__________________
(١) في (أ) : فيقولون ، (ج ، د) : يقولون.
(٢) ساقط في (أ).
(٣) السند : «قال : حدثنا أبو زيد عيسى بن محمد العلوي ، قال : حدثنا نصر بن مزاحم ... إلخ»
(٤) في (ب) : لما.
(٥) هو السوق المسمى بسوق أسد بن عبد الله القسري ، أخي خالد بن عبد الله أمير العراقين ، انظر : معجم البلدان (٣ / ٢٨٣).
(٦) في (أ، ج ، د) : يأمرهم.
(٧) في (أ) : أن يطحنوا الدقيق.
(٨) في (أ) : استبطاء.
(٩) نهاية الصفحة [٣٢٧ ـ أ].