عن نصر بن مزاحم عن عبد الله بن محمد قال : وقف أبو السرايا على شاطئ سوراء (١) مما يلي الكوفة ، ونادى عبدوس في أصحابه ، فركبوا دوابهم ولبسوا أسلحتهم ، ووقف حياله ، وقال : يا أبا السرايا على من تجاهل (٢) وإلى كم تمادي في غيك ، وتتابع في ضلالك مرة شارد تحارب جنود أمير المؤمنين وتقتل رعيته ، ومرة لص تقطع الطريق وتخيف السابلة ، ومرة تستنهض السفهاء إلى خلع الطاعة ونكث البيعة ، أما آن لك أن ترجع إلى حظك ، ويفارقك شيطانك ، أترجوا أن تزيل الدولة وتغير الخلافة بغوغاء الكوفة ويهود الحيرة؟ هيهات .. هيهات دون ذلك سيوف خراسان ورماحها (٣) ، وفرسان الأنبار وحماتها ، أما والله إن الأمان لأودع وأعود عليك ، وأحقن لدمك ، فالنهضة قبل الصرعة والرجعة قبل الندامة (٤).
قال : وإنه ليكلمه بهذا الكلام إذ أتى أبا السرايا رجل من أهل القرى فدله على مخاضة ، فدعا أبا كتيلة (٥) فوجهه عليها ، فسار على سوراء يريد العبور من تلك المخاضة ، وأتاه رجل آخر فدله على مخاضة أخرى فوجه عليها أبا الشوك (٦) ، وأمره أن يعبر منها ، فلم يلبث أن سمعنا التكبير من ناحية الجامع ، والنداء بشعار أبي السرايا ، فعبر الكوفيون النهر بالتراس والرماح فوضعوا فيهم أسيافهم وانهزم أهل بغداد ، فلم ينج منهم إلّا (٧) القليل ، وقتل عبدوس ، واصطلم عسكره وأسر أخوه هارون (٨).
عن نصر بن مزاحم (٩) ، عن عبد الله بن محمد قال : رأيت ظفر بن عصام (١٠) يعترض عسكر
__________________
(١) موضع يقال له : جنب بغداد ، وقيل : هو بغداد نفسها ، قيل : سميت بسوراء بنت أردوان بن باطي الذي قتله كسرى أردشير وهي ابتنها ، والشاطئ منسوب إليها مما يلي الكوفة ، معجم البلدان (٣ / ٢٧٨).
(٢) في (أ) : تحمل.
(٣) في (ج) : أرماحها.
(٤) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٢٩) وما بعدها.
(٥) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٤٢).
(٦) أبا الشوك : انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٢٦ ـ ٤٤٦).
(٧) نهاية الصفحة [٣٢٨ ـ أ].
(٨) إخوة هارون : انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٣٣) ، وفي الطبري ، وهارون بن محمد بن أبي خالد.
(٩) عنه بنفس الإسناد السابق.
(١٠) لم أقف على ترجمته.