فضربه أبو السرايا فقتله ، وحملت عليه خيل هرثمة ، وكثرت القتلى والأسرى منهم (١) ، ولقد رأيت أبا السرايا في ذلك اليوم وإن الدم لينصب من قبا حفناته (٢).
وعن عبد الله بن محمد قال : لما خرج أبو السرايا من الكوفة خرج أشراف أهل الكوفة ، ووجوهها إلى عسكر هرثمة فأعلموه بخروج أبي السرايا ، وسألوهم أمانهم ولم يلبث أن لحق بأبي السرايا قوم من الأعراب ، وقالوا : والله ما رأينا كاليوم قط أحسن بدءا ، ولا أقبح منصرفا فما الذي أخرجك مما أنت فيه ، فو الله ما أنت برعش الجنان ، وإن هذا الحي من شيبان وسائر الأحياء من ربيعة لتقر (٣) لك بالفضل ، فحمد الله أبو السرايا وأثنى عليه ، ثم قال : أما والله يا ابن عمي ما فعلت ذلك من جبن ولا خوف ، ولكني بليت بثلاث لم يبل أحد (٤) بمثلهن : مكر هرثمة بن أعين ، وقرب بغداد من الكوفة ، ومخالفة الناس إياي ، والله ما خرجت مما كنت فيه حتى أعياني الدواء ، وحتى ساءت النيات ، ونكلوا عن الحرب وأحبوا الراحة ، وما أشك أن الله قد صنع فإن عادته حسنة وإيادته جميلة ، ثم قال : أين تريدون؟
قالوا : نحن قوم من بني شيبان (٥) ننزل بعين التمر فسمعنا بارتحالك وطعن القوم بالكوفة فأتيناك لأن نصير إلى قولك ، ونصرتك ، فدعا لهم أبو السرايا ، ثم سرنا وساروا حتى إذا شارفنا واسط لقينا رجل على راحلة فسأله أبو السرايا من أنت؟
قال : أنا رجل من أهل اليمامة ، وقعت إلى البصرة وأريد الوقوع إلى واسط.
فقال : كيف (٦) خلفت الناس بالبصرة؟
قال : هم ساكنون هادءون.
__________________
(١) في (أ، ج) : وكثرت القتلى والأسرى فيهم.
(٢) أي ظهر يديه.
(٣) في (ب ، ج ، د) : ليقر.
(٤) نهاية الصفحة [٣٣٦ ـ أ].
(٥) في (أ) : نؤم بني شيبان ، انظر معجم قبائل العرب (٢ / ٦٢٢ ـ ٦٢٣).
(٦) في (أ، ج ، د) : فكيف.