قال : فهذا هرثمة أساء إليك وفعل بك ما فعل ، فما الذي أساء إليك أمير المؤمنين حتى نكثت بيعته وخرجت عن طاعته (١)؟
قال : استغواني جهال من الكوفة ورووا لي الروايات.
قال (٢) : أو لم أؤمنك ، فما الذي منعك أن تقدم على أماني؟
قال : القدر الغالب ، والشقاء اللازم ، فكبر الحسن (٣) وقال : وكذلك يقتلك القضاء والقدر.
قال : استبقني أيها الأمير فو الله لأنصحنك نصيحة لم ينصحها أحد من الناس.
قال : كذبتك نفسك ، وأخطأ أملك قم يا هارون بن محمد فاقتله بأخيك (٤).
فقال أبو السرايا : أنظرني أصلي ركعتين أختم بها عملي.
قال : بل ذاك فرار من الموت ، وحبا للحياة.
قال : لو فررت من الموت ما وقفت هذا الموقف ، وما أنا بأول رجل قتل والموت يعفو كل أجل (٥) ، وما عند الله خير وأبقى (٦) ، فضرب هارون عنقه ، وأمر الحسن بصلبه على جسر بغداد (٧).
وقدم بمحمد بن محمد (٨) فأدخل دار الإمارة فأشرف المأمون (٩) فرق له وتعجب من صغر
__________________
(١) في (أ، د) : وخرجت.
(٢) نهاية الصفحة [٣٤٠ ـ أ].
(٣) في (ب ، ج ، د) : وكب الحسن.
(٤) هو هارون بن محمد بن أبي خالد ، وأخوه المشار إليه هو عبدوس ، انظر الكامل لابن الأثير (٥ / ١٨١ ، ١٨٢) ، ومقاتل الطالبيين ص (٤٤٦). أما فاقتله بأخيك ، ففي مقاتل الطالبيين : قم يا هارون بن أبي يحيى فاضرب عنقه بأخيك عبدوس بن عبد الصمد ، فقام إليه فقدمه فضرب عنقه.
(٥) في (ب ، ج ، د) : وما أنا بأول من قتل ولا بآخر من قتل وللموت يعفو كل أحد.
(٦) في (أ) : وما عند الله خير وأبقى وأرضى.
(٧) في مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦) ، وقد صلب رأسه في الجانب الشرقي ، وبدنه في الجانب الغربي ، وكذا قتل غلامه أبا الشوك وصلب معه ، انظر : المحبر لابن حبيب ص (٤٨٩) ، مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦) ، وفي الطبري (وكان بين خروجه بالكوفة وقتله عشرة أشهر) ، الطبري (١٠ / ٢٣١).
(٨) في مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦) : أن محمد بن محمد حمل إلى خراسان ، فأقيم بين يدي المأمون وهو جالس في مستشرف له ... إلخ ، مقاتل الطالبيين ص (٤٤٦) وما بعدها.
(٩) المأمون : هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور. انظر الأعلام للزركلي (/ ١٤٢) ومصادره.