فقال القاسم عليهالسلام : أشد ما مرّ بي أني لما خرجت من مكة أريد اليمن صرت إلى مفازة (١) لا ماء فيها ، ومعي زوجتي ابنة عمي ، وبها حمل فجاءها المخاض في ذلك الموضع فحفرت لها حفرة لتتولى أمر نفسها ، وضربت في الأرض أطلب لها ماء ، فرجعت وقد ولدت غلاما وجهدها العطش ، وألحت في طلب الماء فرجعت إليها وقد ماتت والصبي حي ، فكان بقاء الغلام أشد علي من وفاة أمه ، فصليت ركعتين ودعوت الله أن يقبضه ، فما فرغت من دعائي حتى مات (٢).
وشكا عبد الله بن موسى أنه خرج في بعض قرى الشام وقد جد به الطلب وأنه صار إلى بعض المسالح ، وقد تزيا بزي الأكرة (٣) ، والملاحين فسخره بعض الجند وحمل على ظهره ، وأنه كان إذا أعيا وضع ما على ظهره للاستراحة ضربه ضربا مبرحا ، وقال : لعنك الله ولعن من أنت منه.
وقال أحمد بن عيسى : وكان من غليظ ما نالني أني صرت إلى ورزنين (٤) ومعي ابني محمد فتزوجت من بعض الحاكة (٥) هناك ، واكتنيت بأبي جعفر الجصاص (٦) ، فكنت أغدو وأقعد مع بعض من آنس به من الشيعة ثم أروح إلى منزلي ، كأني قد عملت يومي ، وأولدت المرأة بنتا ، وتزوج ابني محمد إلى بعض موالي عبد قيس (٧) هناك ، وأظهر مثل الذي أظهرت ، فلما صار
__________________
(١) في (أ) : صرت في مفازة ، والمفازة ؛ المفاز البرية القفر ، المفازة : الفوز والنجاة والصحراء والمهلكة والجمع مفاوز ، المعجم الوسيط (مادة : فاز).
(٢) نهاية الصفحة [٣٤٤ ـ أ].
(٣) الأكار : الزّرّاع ، والمؤاكرة : المزارعة على نصيب معلوم ، والأكرة : الحفرة ، وبه سمي الأكار ، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (١ / ٥٧).
(٤) قال الحموي : ورزنين من أعيان قرى الري كالمدينة. معجم البلدان (٥ / ٣٧١).
(٥) في (أ، د) : فتزوجت إلى بعض الحاكة.
(٦) الجصاص : كنية اختارها صاحب الترجمة بقصد إخفاء اسمه خشية من ملاحقة أمراء بني العباس ، وصاحب الترجمة ليس الشخص الوحيد الذي أخفى اسمه وظهر باسم مستعار ، بل هناك غيره من أئمة أهل البيت الطاهر الذين لاحقتهم عيون بني العباس بقصد الفتك بهم.
(٧) في (ب ، ج) : موالي عبد قيس.