مع محمد بن زيد في عسكره بجرجان ومعه أبوه ، وبعض عمومته والموالي ، فنزلوا حجرة بخان العلى ، وقد أشار إليها ، ونحن نجتاز الخان.
قال : ولم أسمع بلغ من تعظيم بشر لإنسان ما كان من تعظيم أبيه وعمومته له ، ما كانوا يخاطبونه إلّا بالإمام.
قال : وامتلأ الخان من الناس ، وتكاثفت (١) الغاشية حتى كاد السطح يسقط ، وعلا صيته ، فكتب إليه الحسن بن هشام من سارية (٢) ؛ وكان على وزارة محمد بن زيدان هذا مما يوحش ابن عمك.
فقال : ما جئنا ننازعكم أمركم ، ولكنا ذكر لنا أن لنا بها (٣) أهلا وشيعة ، فقلنا : عسى الله أن يفيدهم منا.
فخرجوا مسرعين ، وثيابهم عند القصار ، وخفافهم عند الإسكاف ، وما استرجعوها.
قال : وحملنا إليهم من منازلنا لحما (٤) ودجاجا ، وشيئا مما يصطبغ به من ما حضرهم (٥) ، أو غيره ، فتناولوا إلا من اللحمان فإنها ردت إلينا كهيئتها ، فسألنا بعض الموالي ، فقال : إنه يقول : بلغني أن الغالب على أهل هذه البلد التشبيه والجبر (٦) فلم آمن أن يكون من ذبيحتهم ، وقد سمعت أن أهلنا بهذا البلد لا (٧) يتوقون ذبائحهم ، وكان يشدد في الذبائح تأسيا بالقاسم عليهالسلام.
__________________
(١) في (ب ، ج ، دأ) : وتكاثف.
(٢) وقيل : شارية مدينة من مدن طبرستان ، وهي المدينة العظمى هنالك التي كان ينزل بها الولاة ، وبها نزل محمد بن طاهر وكذلك سلمان أخوه بعده ، ولديها بناء حسن لم ير مثله ، وقال ياقوت : سارية السين المهملة هي إلى الشرق من آمل ، معجم البلدان (٣ / ١٧٠) ، الروض المعطار (٣٣٦) وانظر الفهرس.
(٣) في (أ، د) : هاهنا.
(٤) في (ب ، د) : منزلنا لحمانا.
(٥) في (ب ، ج ، د) : ماء وخضرة.
(٦) المشبهة : يطلق هذا الاسم على عموم الفرق القائلة بالتشبيه في التوحيد ، وجملة المشبهة يثبتون لله تعالى مكانا ويقولون : هو جالس على العرش و... إلخ. أمّا الجبر : فالجبرية هم المعتقدون بالجبر ويسندون جميع أفعال العباد إلى الله تعالى ولا اختيار لعباده فيها ، انظر : موسوعة الفرق الإسلامية د. محمد جواد مشكور ط (١) ١٤١٥ ه / ١٩٩٥ م ص (١٩٠ ، ٤٧٠ ، ٤٧١).
(٧) نهاية الصفحة [٣٥٤ ـ أ].