بطاعة الله مزورين ، وعنه نافرين ، وإلى أعداء الله وأعداء دينه الجهال الفساق راكنين ، وقد قال الحكيم العليم في محكم التنزيل : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) [هود : ١١٣].
فلما لم أجد فيكم من يعين الصادق المحق (١) ، ويأمر بالمعروف ويرغب في الجهاد ، ويختار رضا الله جل وعز على رضا المخلوقين إلّا القليل من القبيلة ، واليسير من الجماعة ، أنزلت هذه الدنيا من نفسي أخس المنازل ، وآثرت الآخرة الكريمة (٢) محالها ، الشريفة منازلها ، العلية مراتبها ، واخترت الباقي الدائم على الفاني الزائل ، وتمسكت بطاعة رب العالمين وذلك من غير زهد مني في جهاد الظالمين ، ومنابذة الفاسقين ، ومباينة الجائرين (٣) ، مع علمي بما فرض الله عزوجل منه على عباده في وقته وحينه وأوانه ، وأيقنت مع الأحوال التي وصفتها والموانع التي ذكرتها أن السلامة عند الله في الزهد في الدنيا والاشتغال بعبادة رب العالمين ، والاعتزال من جميع المخلوقين ، وذلك بعد رجوعي إلى كتاب الله جل وعز ، واشتغال خاطري بتدبر آياته ، وإعمال نظري وفكري في أوامره وزواجره ، ومحكمه ومتشابهه ، وخاصه وعامه ، وأمره ونهيه ، وناسخه ومنسوخه ، فوجدته يوجب علي التبري من هذا الأمر إيجابا محكما ، ويلزمني تركه إلزاما قاطعا.
فاتبعت عند ذلك أمر الله ونزلت عند حكمه ، ورضيت بقضائه ، فإن يقم الله عزوجل بعد ذلك علي حجة ووجدت على الحق أعوانا ، وفي الدين إخوانا ، قمت بأمر الله طالبا لثوابه ، حاكما بكتابه ، متقلدا لأمره ، متبعا سنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أفارقه ولا أعدل عنه حتى يعز الله الحق ، ويبطل الباطل ، أو ألحق بصالح سلفي الذين مضوا لله (٤) طائعين (٥) ، ولأمره متبعين ،
__________________
(١) نهاية الصفحة [٣٧٥ ـ أ].
(٢) في (أ) : الكريم.
(٣) في (د) : الجبارين.
(٤) نهاية الصفحة [٣٧٦ ـ أ].
(٥) في (أ، د) : مطيعين.