مقامي بغبي ، ولا اسمي بمجهول ، فيعذر الغافل والمتثاقل ، ويجد حجة الخاذل ، ويمكن المتخلف التأول ، مع المحن التي أنا فيها ، والأمور التي أقاسيها من كثرة لائم لا يرضى ، وعابد للدنيا ومتطلب للسعة والغنى ، ومتربص لا يبقى ، ومفرد عند الشدائد لا يرعى ، ومتسخط وقت لا يعطى ، وما دعوت إلى الدنيا فإذا عدمها أهلها معي ذهبوا ، وإذا فارقوها انقلبوا.
ألا وإني إنما دعوت إلى ما دعا إليه من كان قبلي من الأئمة الطاهرين والعباد الصالحين ، أنا عبد الله وابن نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم الشاري نفسه لله سبحانه ، الغضبان لله جل ثناؤه إذ عصي في أرضه ، واستخف بفرضه ، وقتلت الدعاة إلى دينه ، فلو أسعفتني الأعوان ، وعاضدتني الأنصار ، وصبر على دعوتي أهل الأديان ، لعلوت فرسي ، واعتصيت رمحي ، وتقلدت نجاد سيفي ، وأخذت درعي (١) ، وقصدت أعداء الله جل ذكره (٢) ، وكافحت الأقران في يوم الطعان ، صابرا محتسبا ، مسرورا جذلا ، إذا أشرعت الأسنة ، واختلفت الأعنة ، ودعيت نزال لمكافحة الأبطال (٣) ، وتكافحت الرجال ، وسالت الدماء ، وكثرت الصرعى ، ورضي الرب الأعلى ، فيا لها خطة مرضية لله جل ثناؤه ما أشرفها ، وأنا أشهد الله لوددت أني أجد إلى حيلة سبيلا ، يعز فيها الدين ويصلح على يدي أمر هذه الأمة ، وإني أجوع يوما وأطعم يوما حتى تنقضي أيامي وألاقي حمامي ، فذلك أعظم السرور وأجل الحبور ، وأشرف الأمور ، ولو كان ذلك وأمكن ما نزلت عن فرسي ، إلّا لوقت صلاة ، والصفان قائمان ، والجمعان يقتتلان ، والخيلان تتجاولان ، فنكون في ذلك كما قال شاعر أمير المؤمنين عليهالسلام بصفين :
أيمنعنا القوم ماء الفرات |
|
وفينا السيوف وفينا الجحف |
وفينا الشوارب مثل الوشيج |
|
وفينا الرماح وفينا الزعف |
وفينا علي له سورة |
|
إذا خوفوه الردى لم يخف |
__________________
(١) في (أ) : واحتشيت درعي.
(٢) نهاية الصفحة [٣٧٩ ـ أ].
(٣) في (أ، د) : لمعانقة الأبطال.