ثم قلده محمد بن زيد القضاء فأبى فأكرهه عليه فتقلده ، فلما جلس أول يومه أتاه محمد بن زيد إجلالا له وتعظيما لشأنه فأمر القائم على رأسه وهو في مجلس الحكم بأن يأخذ محمدا فيقعده بين يديه.
فقال محمد : لم آتك مخاصما ولا لأحد قبلي دعوى ، فما هذا؟
قال له : بلى عليك دعاوي كثيرة ، فإن كنت قلدتني القضاء فإني أبدأ بإنصاف الناس منك ، ثم أقضي بين الناس ، فلما علم محمد منه الجد عزله ثم لم يتقلد له عمل بعد ذلك ، ولما كان من أمر محمد ما كان خرج عنه فوقع إلى الدامغان (١) ، وخرج منها إلى الديلم إلى مدينة جستان (٢) بن وهشودان مرزبان الديلم (٣) ، ثم استأذنه في الخروج إلى جيلان (٤) ، فأذن له وأمده فنزل قرية كيلاكجان (٥).
ولما استفحل أمره وحارب على باب آمل أول محاربته ، خاف منه جستان عند انصرافه فصالحه فذلك حيث يقول (٦) :
وجستان أعطى مواثيقه |
|
وأيمانه طائعا في الحفل |
وليس نظن به في الأمور |
|
غير الوفاء بما قد بذل |
وإني لآمل بالديلمين |
|
حروبا كبدر ويوم الجمل |
وبقي عليهالسلام بالديلم يدعو ويصبر ويعلم الناس حتى دخل الناس في الدين أفواجا ، فأخذت بيعة الإمام (٧) على ألف ألف رجل بالغ مدرك (٨) ملتح ، سوى النساء والمراهقين ، وبنوا المساجد ، وتعلموا القرآن وتبصروا في الدين ، وتسموا بأسامي المسلمين.
__________________
(١) بلد كبير بين الري ونيسابور ، وهي مدينة كثيرة الفواكه ، انظر : معجم البلدان (٢ / ٤٣٣).
(٢) في (أ، ج) : جستار.
(٣) انظر معجم البلدان (٤ / ١٣ ـ ١٦).
(٤) اسم لبلاد كثيرة من وراء بلاد طبرستان ، وليس في جيلان مدينة كبيرة إنما هي قرى في مروج بين جبال ، والعجم يقولون كيلان ، انظر معجم البلدان (٢ / ٢٠١).
(٥) لعلها كيلاهجان ناحية من بلاد جيلان أو طبرستان ، معجم البلدان (٤ / ٤٩٨).
(٦) الأبيات في الإفادة ص (١٦٦) ، وفي الحدائق الوردية في ترجمة صاحب الترجمة.
(٧) في (أ) : الاسلام.
(٨) نهاية الصفحة [٣٨٩ ـ أ].