فذهب (١) إلى أنيس الحاجب ، فقال له : إن هذا القادم من مكة سيد أهلها ، ومطعم الناس بالسهل والوحش في قلال الجبال.
فدخل أنيس على أبرهة ، فأذن لعبد المطلب في الدخول ، فأقبل مع (٢) ابنه والفيل الأعظم واقف على الباب ، فلما جاز عبد الله نظر الفيل إلى وجهه فخر ساجدا (٣) ، فعجب من ذلك أنيس ومن على الباب.
فقال قس : لا تعجبوا من سجوده فإنه لم يسجد له ، ولكن «سجد» (٤) للنور الذي في وجهه ، وهو نور نبي عرفناه في الإنجيل (٥).
ودخل عبد المطلب وابنه ، فلما رآه أبرهه ، نزل عن سريره ، وجلس على بساط وأجلسهما معه.
وكان عبد المطلب وسيما جسيما ، يهابه من رآه فكره أن تراه (٦) الحبشة على سرير ملكه.
ثم كلم أبرهة فيما استاقوا له ، فتبسم أبرهة وقال للترجمان : أخبره أنه لما دخل ملأ قلبي من هيبته ، وظننته ذا عقل ، إني إنما سرت لتخريب هذا البيت الذي هو شرفه ويكلمني في أباعره!
فقال : إن هذا البيت بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليهالسلام وقد كاده غيره في الزمن الأول فكفى الله كيدهم (٧) ، وله رب ، وأما الإبل فأنا ربها (٨).
فردها عليه ، فرجع بها.
__________________
(١) في (ج ، ب) : فمشى.
(٢) في (ب ، ج) : فأقبل معه.
(٣) في (ب ، ج) : فخر ساجدا له.
(٤) ساقط في (ب).
(٥) انظر : السيرة لابن هشام (١ / ٤٤ ـ ٥٩) ، السيرة الحلبية (١ / ٥٩ ـ ٦٠) ، دلائل النبوة (١ / ١١٥ ـ ١٢٥) ، البداية والنهاية (٢ / ١٧٠) ، الأمالي الاثنينية (خ).
(٦) نهاية الصفحة [٩ ـ أ].
(٧) في (ب) : فكفى كيدهم.
(٨) في (أ) : أنا ربها.