حتى تنهى عما فعله رسول الله (ص) وأبو بكر (رض)؟ فأومأ أبو العيناء إلى محمّد بن منصور وقال : رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن! فأمسكنا ، فجاء يحيى بن أكثم فجلس وجلسنا ، فقال المأمون ليحيى : ما لي أراك متغيرا؟ فقال : هو غمّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام ، قال : وما حدث فيه؟ قال : النداء بتحليل الزنا ، قال : الزنا؟ قال : نعم ، المتعة زنا ، قال : ومن أين قلت هذا؟ قال : من كتاب الله عزوجل ، وحديث رسول الله (ص) ، قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ،) إلى قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ، إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ») يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟ قال: لا ، قال : فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال : لا ، قال : فقد صار متجاوز هذين من العادين.
وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمّد بن الحنفية عن أبيهما عن علي بن أبي طالب (رض) قال : أمرني رسول الله (ص) أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان قد أمر بها ، فالتفت إلينا المأمون فقال : أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقلنا : نعم يا أمير المؤمنين ، رواه جماعة منهم مالك (رض) ، فقال : أستغفر الله ، نادوا بتحريم المتعة ، فنادوا بها.
قال أبو إسحاق إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي الفقيه المالكى البصري ، وقد ذكر يحيى بن أكثم ، فعظّم أمره وقال : كان له يوم في الإسلام لم يكن لأحد مثله ، وذكر هذا اليوم (١).
كان علماء مدرسة الخلفاء يحتجّون بالأحاديث التي مرّت علينا إذا ما نوظروا ، وإذا ما ثبت قول عمر «متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما» قالوا اجتهد الخليفة ، إذا فقد قال الله وقال رسوله واجتهد الخليفة (٢)!!!
خلاصة البحث :
تواتر عن الخليفة عمر قوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما. وسبق البحث في متعة الحجّ أمّا متعة النساء فتعريفها في مدرسة الخلفاء
__________________
(١) وفيات الأعيان ، نشر مكتبة النهضة المصرية ، ط. مطبعة السعادة سنة ١٩٤٩ م ، ٥ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.
(٢) راجع شرح نهج البلاغة للمعتزلي ٣ / ٣٦٣ في جواب الطعن الثامن.