ويندى لها جبين المرء خجلا (١).
والأنكى من ذلك أن يوضع في مدح هؤلاء المجتهدين الحديث ويسند إلى رسول الله (ص) مثل ما رواه الخطيب عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) أنّه قال : يكون في أمتي رجل اسمه النعمان وكنيته أبو حنيفة ، هو سراج أمّتي ، هو سراج أمّتي ، هو سراج أمّتي (٢).
ولست أدري هل أقول : إنّ الملك الظاهر بيبرس البندقداري أحد ملوك المماليك بمصر أحسن إلى الإسلام حين أغلق باب هذا الاجتهاد في سنة ٦٦٥ ه أم أساء (٣)؟! ومهما يكن الأمر فإنّ الاجتهاد أي العمل بالرأي فتحت بابه السلطة الحاكمة بمدرسة الخلفاء على عهد الخلفاء الراشدين وكذلك أغلق بابه على يد السلطة الحاكمة فيها وبقي كذلك حتّى اليوم!
* * *
كان ذلك شأن مدرسة الخلفاء في أمر الاجتهاد. أمّا أتباع مدرسة أهل البيت فإنهم تبعوا أئمتهم في التسمية وسمّوا هذا العلم بالفقه والمتخصص به بالفقيه.
قال الكشي في معرفة الرجال : تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (ع). اجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وانقادوا لهم بالفقه ، وقالوا : أفقه الأوّلين ستّة : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد العجلي ، وأبو بصير الأسديّ ، والفضيل بن يسار ، ومحمّد بن مسلم الطائفي.
قالوا : وأفقه الستّة زرارة ، ... (٤).
وقال : تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (ع). أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ، وأقرّوا لهم بالفقه من دون هؤلاء الستّة الّذين عددناهم وكتبناهم ستّة نفر : جميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحمّاد بن عيسى ، وحمّاد بن عثمان ، وأبان بن عثمان ، قال :
__________________
(١) راجع المحلى لابن حزم ج ١١ / ٢٥١ ـ ٢٥٧ المسألة ٢٢١٣ المستأجرة للزنا.
(٢) تاريخ بغداد للخطيب ج ١٣ / ٣٣٥.
(٣) خطط المقريزي ٤ / ١٦١.
(٤) رجال الكشي ص ٢٣٨ في تسمية الفقهاء رقم ٤٣١.