مثل الاستثناء ، فإن قوله اقتلوا المشركين إلا أهل الكتاب ، ليس مجازا وهو مستعمل فيما وضع له والقرينة المنفصلة في معنى القرينة المتصلة ، والخاص مع العام بمنزلة الاستثناء مع المستثنى منه ، وكذلك قول القائل : خرج زيد ، يكون إخبارا عن خروجه ، وتضم إليه لفظة ما ؛ فيكون إخبارا عن ضده ، وتضيف إليه الهمزة فيكون استفهاما ، وكل ذلك حقيقة ؛ فكذلك في مسألتنا ، قال : هذا يؤدي إلى ألا يكون في اللغة مجاز ، إذ قولنا «بحر» موضوع للماء الكثير بمجرده ، وللعالم أو الجواد بقرينة ، والأسد موضوع للبهيمة بمجرده والرجل الشديد بقرينة ، والحمار للبهيمة وللرجل البليد بقرينة ، وإذا كان كذلك بطل هذا الجواب.
قيل : لو لزمنى هذا في التخصيص لزمه في الاستثناء فإن المخالف يقول في الاستثناء مثل ما نقول نحن في التخصيص ولا فرق بينهما.
وجواب آخر : وهو أن هذه المواضع إثباتها مجازا إما بالتوقف من جهة أهل اللغة وليس في تخصيص العموم أنه مجاز توقيف فلم يجعله مجازا إلا ظاهر استعمال الحقيقة. وجواب آخر : وهو أن هذا كلام في العبارة لا يجدى شيئا وإنما المقصود هل يبطل التخصيص دلالة اللفظ ويمنع الاحتجاج به أم لا؟ وعند المخالف تبطل دلالة اللفظ ويمنع الاحتجاج به ، وهذا ظاهر الفساد.
وقوله : إن اللفظ لا ينبئ عن المراد وهو بمنزلة المجمل خطأ لأن المجمل غير دال بلفظه على شيء والعموم دال على ما تناوله ، وإنما أخرج بعضه بدليل أقوى منه وبقى الباقي على موجب اللفظ وبيانه.
* * *