مضافة إلى محلها ، فلزوم الإضافة فيها نحو لزومها في الأسماء والأعلام ، ولا سيما المضافة إلى الرب كقوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (الأعراف : ١٥٦ ، الرحمن : ٢٧ ، الليل : ٢٠ ، المائدة : ٦٤) فهذه الإضافة تمنع أن يدخل في اسم الصفة شيء من خصائص المخلوقين بوجه من الوجوه. فالمحذوف الذي أوجب له دعوى المجاز فيها منتف بالإضافة قطعا فلا وجه لدعوى المجاز فيها البتة. وهذا ظاهر جدا فإنها بإضافتها الخاصة دلت على ما لا تسعه العبارة من الكمال الذي لا نقص بوجه من الوجوه.
الوجه السادس عشر : أن يقال لمن أثبت شيئا من الصفات بالعقل فلا بد أن يأتي في الدلالة على ذلك بقياس شمولي أو قياس تخييلي ، فتقول في الشمولي : كل فعل متقن محكم فإنه يدل على علم فاعله وقدرته وإرادته. وهذه المخلوقات كذلك فهي دالة على علم الرب تعالى وقدرته ومشيئته. وتقول في التمثيل : الفعل المحكم المتقن يدل على علم فاعله وقدرته في الشاهد ، فكان دليلا في الغائب ، والدلالة (العقلية) لا تختلف شاهدا وغائبا ، فلا يمكنك أن تثبت له سبحانه بالعقل صفة أو فعلا إلا بالقياس المتضمن قضية كلية ، إما لفظا كما في قياس الشمول ، وإما معنى كما في قياس التمثيل.
فإذا كنت لا يمكنك إثبات الصانع ولا صفاته إلا بالقياس الذي لا بد فيه من إثبات قدر مشترك بين المقيس والمقيس عليه ، وبين أفراد القضية الكلية ولم يكن هذا عندك تشبيها ممتنعا ، فكيف تنكر معانى ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلىاللهعليهوسلم وحقائقه بزعمك أنه يتضمن تشبيها ، وهذا من أنفع الأشياء لمن له فهم ، فإن الله أخبر في كتابه بما هو عليه من أسمائه وصفاته ولا بد في الأسماء المشتقة المتواطئة من معنى مشترك بين أفرادها ، فجحد المعطلة حقائقها لما زعموا فيها من التشبيه ، وهم لا يمكنهم إثبات شيء يعتقدونه إلا بنوع من القياس المتضمن التشبيه الذي فروا منه ، لا في جانب النفي ولا في جانب الإثبات ،