الوجه الحادي عشر : إن النص قد ورد بتسمية الرب نورا ، وبأن له نورا مضافا إليه وبأنه نور السموات والأرض ، وبأن حجابه نور ، فهذه أربع أنواع (فالأول) يقال عليه سبحانه بالإطلاق ، فإنه النور الهادي (والثاني) يضاف إليه كما يضاف إليه حياته وسمعه وبصره وعزته ، وقدرته وعلمه ، وتارة يضاف إلى وجهه تارة ويضاف إلى ذاته (فالأول) إضافته كقوله : «أعوذ بنور وجهك» وقوله : «نور السموات والأرض من نور وجهه» (والثاني) إضافته إلي ذاته كقوله «وأشرقت الأرض بنور ربها» وقول ابن عباس : «ذلك نوره الذي إذا تجلى به» وقوله صلىاللهعليهوسلم في حديث عبد الله بن عمرو : «إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره» (١) الحديث. (والثالث) وهو إضافة نوره إلى السموات والأرض ، كقوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (والرابع) كقوله «حجابه النور» فهذا النور المضاف إليه يجيء على أحد الوجوه الأربعة ، والنور الذي احتجب به سمي نورا ونارا ، كما وقع التردد في لفظه في الحديث الصحيح ، حديث أبي موسى الأشعري وهو قوله : «حجابه النور أو النار» (٢) فإن هذه النار هي نور وهي التي كلم الله كليمه موسى فيها ، وهي نار صافية لها إشراق بلا إحراق.
فالأقسام ثلاثة : إشراق بلا إحراق ، كنور القمر ، وإحراق بلا إشراق ، وهي نار جهنم ، فإنها سوداء محرقة لا تضيء ، وإشراق بإحراق ، وهي هذه النار المضيئة ، وكذلك نور الشمس له الإشراق والإحراق ، فهذا في الأنوار
__________________
وقال البوصيري في «الزوائد» (١ / ٨٥) : هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي ا ه وقال الحافظ في «التقريب» : منكر الحديث وضعفه الشيخ الألباني ، وتقدم تخريجه في الجزء الأول.
(١) [صحيح] رواه الإمام أحمد (٢ / ١٧٦ ، ١٩٧) ، والحاكم (١ / ٣٠) وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه ابن حبان في «صحيحه» (٦١٣٦ ـ إحسان) والحديث ذكره الألباني في «الصحيحة» (١٠٧٦) فانظره.
(٢) رواه مسلم (١٧٩).