وأما ما حكاه عن أبي بن كعب أنه بمعنى مزين فلا أصل له عن أبي ، وهو بالكذب عليه أشبه ، فإن تفسير أبي لهذه الآية معروف ، رواه عنه أهل الحديث من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي ، ذكره ابن جريح ومعمر ووكيع وهشيم وابن المبارك وعبد الرزاق والإمام أحمد وإسحاق وخلائق غيرهم.
وذكر ابن جرير وسعيد وعبد بن حميد وابن المنذر في تفاسيرهم من طريق عبد الله بن موسى عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال فبدأ بنور نفسه فذكره ، ثم ذكر نور المؤمن فقال (مثل نوره) يقول مثل نور المؤمن ، قال : وكان أبي بن كعب يقرؤها كذلك (مثل نور المؤمن) قال : فهو عبد جعل الإيمان والقرآن في صدره كالمشكاة ، قال : المشكاة صدره فيها مصباح ، قال : المصباح القرآن والإيمان الذي جعل في صدره : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) قال : الزجاجة قلبه (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) قال : قلبه لما استنار فيه الإيمان والقرآن كأنه كوكب دري ، يقول مضي (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : فالشجرة المباركة الإخلاص لله وحده لا شريك له : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : فمثله كمثل شجرة التفت بها الشجرة ، فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حال كانت ، لا إذا طلعت ولا إذا غربت. قال : فذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يضله شيء من الفتن وقد ابتلي بها فثبته الله ، فها هو بين أربع خلال : إن أعطي شكر ، وإن ابتلي صبر ، وإن قال صدق ، وإن حكم عدل ؛ فهو في الناس كرجل يمشي في قبور الأموات ، نور على نور ، فهو يتقلب في خمسة من النور ، فكلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة.
قال ثم ضرب مثلا آخر للكافر : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) (النور : ٣٩) الآية قال : فكذلك الكافر في يوم القيامة ، وهو يحسب أن له عند لله خيرا فلا يجده فيدخله النار.
قال وضرب مثلا آخر للكافر قال : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) (النور : ٤٠)