التاسع : هب أن هذا يحتمل في مثل قوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (يوسف : ٧٦) لدلالة السياق والقرائن المقترنة باللفظ على فوقية الرتبة ، ولكن هذا إنما يأتي مجردا عن (من) ولا يستعمل مقرونا بمن فلا يعرف اللغة البتة أن يقال : الذهب من فوق الفضة ولا العالم من فوق الجاهل ، وقد جاءت فوقية الرب مقرونة بمن كقوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) (النحل : ٥٠) فهذا صريح في فوقية الذات ، ولا يصح حمله على فوقية الرتبة لعدم استعمال أهل اللغة ، له.
العاشر : إن لفظ الحديث صريح في فوقية الذات ، وهذا لفظه.
قال العباس عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كنا بالبطحاء فمرت سحابة ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ قالوا لا. قال : إما واحد وإما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ، ثم عد سبع سماوات ثم قال : وبين السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال ما بين أظلافهم وركبهم كما بين سماء إلى سماء على ظهورهم العرش ثم الله فوق ذلك ، وهو يعلم ما أنتم عليه» رواه أبو داود بإسناد جيد (١).
فتأمل الفوقية في ألفاظ هذا الحديث هل أريد بها فوقية الرتبة في لفظ واحد من ألفاظها.
الحادي عشر : إن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أنشده عبد الله بن رواحة قوله :
شهدت بأن وعد الله حق |
|
وأن النار مثوى الكافرينا |
وأن العرش فوق الماء طاف |
|
وفوق العرش رب العالمينا |
وتحمله ملائكة كرام |
|
ملائكة الإله مسومينا |
__________________
(١) [ضعيف] رواه أبو داود (٤٧٢٣) ، والترمذي (٣٣٢٠) وابن ماجه في «مقدمة سننه» (١٩٣) ، والحاكم (٢ / ٢٨٨) وضعفه الشيخ الألباني في : «ضعيف ابن ماجه» ، وفي «ظلال الجنة» (٢٧٧).