ولا استواء ولا صعودا البتة ، وإثبات هذه الحقائق عندهم في الامتناع كإثبات الأكل والشرب والنوم ونحوها ، والفرق بين هذا وهذا ثابت عقلا ونقلا وفطرة وقياسا واعتبار ، فالتسوية بينهما في غاية البطلان.
قالوا وقولنا إنه نزول لاعتبار لا محذور فيه ، فإنه ليس كانتقال الأجسام من مكان إلى مكان ، كما قلتم إن سمعه وبصره وحياته وقدرته وإرادته ليست كصفات الأجسام ، فليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
قالوا ونحن لم نتقدم بين يدي الله ورسوله ، بل أثبتنا لله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلىاللهعليهوسلم. فألزمتم أنتم من أثبت ذلك القول بالانتقال ، ومعلوم أن هذا الإلزام إنما هو إلزام لله ورسوله ، فإنا لم نتعد ما وصف به نفسه ، فكأنكم قلتم من أثبت له نزولا ومجيئا وإتيانا ودنوا لزمه وصفه بالانتقال ، والله ورسوله وهو الذي أثبت ذلك لنفسه فهو حق بلا ريب ، فكان جوابنا إن الانتقال إن لزم من إثبات ما أثبته الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وتصديقه في ذلك والإيمان به ، فلا بد من إثباته ضرورة ، وإن لم يلزم ، بطل إلزامكم ونظير هذا مناظرة جرت بين جهمي وسني.
قال الجهمي : أنت تزعم أن الله يرى في الآخرة عيانا بالأبصار؟ قال السني : نعم. فقال له الجهمي : هذا يلزم منه إثبات الجهة والحد وكون المرئي مقابلا للرائي مواجها له ، وهذا تشبيه وتجسيم. قال له السني : قد دل القرآن والسنة المتواترة واتفاق الصحابة وجميع أهل السنة وأئمة الإسلام على أن الله يرى في الآخرة ، وقد شهد بذلك الرسول وبلغه الأمة ، وأعاده وأبداه ، فذلك حق لا ريب له ، فإذا لزم ما ذكرت فلازم الحق حق ، وإن لم يلزم بطل سؤالك.
وقال بعض الجهمية لبعض أصحابنا : أتقول إن الله ينزل إلي السماء الدنيا؟ فقال ومن أنا حتى أقول ذلك ، فقد قاله رسوله صلىاللهعليهوسلم وبلغه الأمة ، فقال له الجهمي : هذا يلزم منه الحركة والانتقال ، فقال له السني : أنا لم أقل من عندي