الأول : إجماعهم بعد صلح الحسن (ع) على معاوية بن أبي سفيان ، وطاعة يزيد بن معاوية بعد واقعة الحرّة ، وإمامة بني أمية وبني مروان بن الحكم. فكانوا جميعا مظهرين الرضا بإمامتهم وتنفيذ أحكامهم لا سيما عام معاوية الذي سمّوه بعام الجماعة. وهكذا حال أمراء بني العباس الذين قتلوا من تجب لهم الطاعة عليهم من الأمويين بحكم ما ادّعيتم من حجية مثل هذا الاجتماع من الناس عليهم لا قتلهم وقتالهم. وكل ما تقولونه من الإنكار الباطني ، والخوف ، والتقية ، وعدم الطوع ، والرضا في هؤلاء ، نقوله في المتقدمين على علي (ع).
الثاني : إجماعهم على قتل الخليفة عثمان بن عفان (رض) فإنّ الناس يومئذ كانوا بين قاتل ، ومحرّض ، وخاذل ، وكاف عن النكير ، خوفا ، أو رضا ، فإن كانت هذه أمارات الرضا والقبول عندكم ، وتوجب القطع بصحة مثل هذا الإجماع على خلافة المتقدمين على علي (ع) وتثبت خلافتهم ، ويوجب لهم الصواب ، كان جميع من تقدم ذكرهم من معاوية ومن جاء بعده إلى يومنا هذا مشاركين لهم في الإمامة ، وثبوت الزعامة الدينية لهم ، لأنّ العلة التي أوجبت الطاعة للخلفاء الثلاثة (رض) عندكم موجودة فيهم ، فيكون حكمهم واحدا لوحدة الموضوع ، الأمر الذي من أجله أوجبتم ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان (رض) من ظاهر تسليمهم ، وانقيادهم ، وعدم إنكارهم على اجتماعهم ، وعدم الخلافة عليهم رغبة أو رهبة ، فإنّ ذلك كله موجود بعينه في أولئك. وهذا كما تعلمون لا يذهب إليه من له علم ، أو شيء من الدين ، أو وازع من عقل ، لبداهة استلزامه الجمع بين النقيضين في العقيدة ، والمخالفة لكتاب الله تعالى الذي ينادي في كل ليل إذا يغشى ، أو نهار إذا تجلّى ، في سورة يونس (ع) آية ٣٢ : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) وهو يدلّ على أنّه لا واسطة بين الحق