النبي (ص) أو الإمام الذي يقوم مقامه ، فلا يمكن أخذه شرطا فيه وتقييده به ، ولأنّه لو ارتكب المعصية ، لوقع التضادّ بين وجوب طاعته فعلا كما هو مفاد عموم إطلاق الآية ، وبين وجوب زجره وردعه لعموم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، للإمام والرعية.
فإن رجحتم الشقّ الأول ، فمع أنّه ترجيح بلا مرجّح وهو باطل لزمكم أن تقولوا بجواز ارتكاب الإمام المعاصي وهو معلوم البطلان بدليل أن مرتكب المعاصي ظالم ، والظالم لا يصلح أن يكون إماما يقتدى به ، ويركن إليه. وقد مرّ عليكم قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وقوله تعالى في سورة هود (ع) آية ١١٣ : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ).
وإن رجحتم الشقّ الثاني فمع أنّه أيضا ترجيح بلا مرجّح وهو باطل يبطله وجوب طاعته على الإطلاق بمقتضى الآية ، وحينئذ تبطل الفائدة من إمامته ، والمصلحة في نصبه ، ومن حيث ثبت لديكم بطلان كلّا الشقّين ثبت وجوب عصمته على الإطلاق ـ ولما كانت العصمة من الأمور الخفيّة التي لا يطّلع عليها إلّا الله تعالى وحده وثبت اعتبارها في الإمام بحكم ما تقدم من الأدلّة ، امتنع نصبه من الأمّة كلّها فضلا عن بعضها لأنّه غير مستطاع لهم معرفته ، والاطّلاع عليه فلا يمكنهم عقده ، ومن المعلوم لدى الخاصّ والعام أنّه ليس في المستخلفين بعد رسول الله (ص) معصوم من الخلفاء الثلاثة (رض) لبداهة عدم عصمتهم من واقعهم العملي لذا لا يصحّ أن يكونوا من أولي الأمر الواجبي الطاعة بعد رسول الله (ص) في منطوق الآية لانتفاء صفة العصمة عنهم ، الأمر الذي هو شرط أصيل في الإمام على الأمّة كما هو مفاد الآية.