فليس من الاعتدال أن يحكم إنسان على كل صحابي بالاعتدال ، وقد علم بوجود المقهورين فيهم على الإسلام ، كأبي سفيان وولديه ، معاوية ويزيد ، وعلم بوجود الداخلين فيه على غير بصيرة منهم ، وعلم بوجود شاربي الخمور ، ومرتكبي الفجور ، وقاتلي النفوس المحترمة ، وعلم بوجود المنافقين فيهم ، كما نطق به القرآن ، فليس من الحق والعقل إجلال من كان هذا حاله في الموبقات ، لأنّه صحب رسول الله (ص) وأمّا أننا نأبى كل الآباء ، كما يأبى كل مسلم غيور ، على الدين ، وعلى قداسة سيد المرسلين (ص) ، أن يصغي لقائل يقول بتقديس مثل هذا النوع من أصحابه (ص) ، فمن شاء فليحمر ، ومن شاء فليصفر ، فإنّا لا نعدو كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا (ص) في ذلك أبدا!!.
خامسا : لو كان التأدّب مع هذا الصنف من أصحابه (ص) واجبا مقدّسا ، لزم هذا القائل أن يقول بأنّ النبي (ص) قد ترك هذا الواجب المقدس في شريعته ، فقال لأصحابه (ص) على ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ص ٢٨ من جزئه الثالث من حديث أبي سعيد الخدري : قال رسول الله (ص) : «فأقول : أصحابي! فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول بعدا بعدا ، أو سحقا سحقا لمن بدّل بعدي» ولكان غير متأدب معهم حينما أخبر (ص) في حديث الحوض المتقدم بقوله (ص) : «فلا أرى يخلص منهم (أي من النار) إلّا همل» ، وغير متأدّب معهم حينما خاطبهم بقوله (ص) : «لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا شبرا ، وذراعا ذراعا. قالوا : اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟» كما تقدم البحث عن ذلك مستوفى. ولا شك في أنّ مثل هذا القول في رسول الله (ص) طعن صريح في قداسته (ص) ومخرج لقائله عن الإسلام.